سورة الأعراف:
أقول: مناسبة وضع هذه السورة عقب سورة الأنعام فيما ألهمني الله سبحانه: أن سورة الأنعام لما كانت لبيان الخلق، وقال فيها: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ "الأنعام: ٢"، وقال في بيان القرون: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ "الأنعام: ٦"، وأشير فيها إلى ذكر المرسلين، وتعداد كثير منهم، وكانت الأمور الثلاثة على وجه الإجمال لا التفصيل، ذُكرت هذه السورة عقبها؛ لأنها مشتملة على شرح الأمور الثلاثة وتفصيلها.
فبسط فيها قصة خلق آدم أبلغ بسط؛ بحيث لم تبسط في سورة كما بسطت فيها١، وذلك تفصيل إجمال قوله: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾ "الأنعام: ٢"، ثم فصلت قصص المرسلين وأممهم، وكيفية إهلاكهم٢ تفصيلًا تامًّا شافيًا مستوعبًا، لم يقع نظيره في سورة غيرها٣، وذلك بسط حال القرون المهلَكة ورسلهم، فكانت هذه السورة شرحًا لتلك الآيات الثلاث.
وأيضًا فذلك تفصيل قوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ﴾ "الأنعام: ٦"؛ ولهذا صدَّر هذه السورة بخلق آدم الذي جعله الله في الأرض خليفة٤. وقال في قصة عاد: ﴿جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ "٦٩"

١ وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ إلى ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُون﴾ "١١-٢٥".
٢ في "ظ": "وكيف هلاكهم".
٣ وذلك من قوله: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِه﴾ إلى ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون﴾ "٥٩-١٧٦".
٤ وذلك في الآية رَقْم "١١" إلى آخر الآية رَقْم "٢٥".


الصفحة التالية
Icon