سورة الأنفال:
اعلم أن وضع هذه السورة وبراءة١ ليس بتوقيف من الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، كما هو الراجح في سائر السور؛ بل اجتهاد من عثمان رضي الله عنه.
وقد كان يظهر في بادئ الرأي: أن المناسب إيلاء الأعراف بيونس وهود؛ لاشتراك كل [منهما] ٢ في اشتمالها على قصص الأنبياء، وأنها مكية النزول، خصوصًا أن الحديث ورد في فضل السبع الطوال، وعدوا السابعة يونس، وكانت تُسمى بذلك كما أخرجه البيهقي في الدلائل٣. ففي فصلها من الأعراف بسورتين هما الأنفال وبراءة فصل للنظير من٤ سائر نظائره، هذا مع قصر سورة الأنفال بالنسبة إلى الأعراف وبراءة.
وقد استشكل ذلك قديمًا حبر الأمة ابن عباس، فأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني٥،
٢ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٣ دلائل النبوة، للبيهقي "٧/ ١٥٢، ١٥٣" والسبع الطوال كما أخرج النسائي "١/ ١١٤" عن ابن عباس رضي الله عنهما: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، قال الراوي: وذكر السابعة فنسيتها، وأورد السيوطي نقلًا عن ابن أبي حاتم وغيره عن سعيد بن جبير: أن السابعة يونس "الإتقان: ١/ ٢٢٠".
٤ في المطبوعة: "عن"، والمثبت من "ظ".
٥ المثاني: إما أنها من الثناء، أو فيها الثناء والدعاء، أو لأنها تُثنى بغيرها "الإتقان: ١/ ١٩٠"، وقيل: لأنها ثانية للمئين، تالية لها، وقيل: لتثنية الأمثال فيها بالعبر، حكاه السيوطي عن النكزاوي "الإتقان: ١/ ٢٢٠".