النحل بعد الحجر؛ فإنها ليست كبراءة في الطول.
ويشهد لمراعاة الفواتح في مناسبة الوضع ما ذكرنا من تقديم الحجر على النحل لمناسبة ذوات ﴿الر﴾ قبلها، وما تقدم من تقديم آل عمران على النساء وإن كانت أقصر منها لمناسبة البقرة في١ الافتتاح بـ ﴿الم﴾ وتوالي الطواسين والحواميم، وتوالي العنكبوت والروم ولقمان٢ والسجدة، لافتتاح كل بـ ﴿الم﴾ ولهذا قدمت السجدة على الأحزاب التي هي أطول منها.
هذا ما فتح الله به.
وأما ابن مسعود فقدم في مصحفه البقرة على: النساء، وآل عمران، والأعراف، والأنعام، والمائدة، ويونس، فراعى [السبع] ٣ الطوال، وقدم الأطول فالأطول، ثم ثنى بالمئين، فقدم براءة، ثم النحل، ثم هود، ثم يوسف، ثم الكهف، وهكذا الأطول فالأطول، وذكر الأنفال بعد النور٤.
ووجه مناسبتها لها: أن كلا منهما مدنية، ومشتملة على أحكام، وأن في النور ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ "النور: ٥٥" الآية. وفي الأنفال: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ﴾ "٢٦" الآية. ولا يخفى ما بين الآيتين من المناسبة؛ فإن الأولى مشتملة على الوعد بما حصل، وذكَّر به في الثانية، فتأمل.
٢ في المطبوعة: "والقمر" خطأ، والمثبت من "ظ".
٣ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٤ انظر: الإتقان "١/ ٢٢٤" نقلًا عن ابن أشتة في المصاحف من رواية جرير بن عبد الحميد، وانظر: المصاحف، لابن أبي داود "٣٥".