سورة يوسف:
أقول: وجه وضعها بعد سورة هود زيادة على الأوجه الستة السابقة: أن قوله في مطلعها: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ "٣" مناسب لقوله في مقطع تلك: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ "هود: ١٢٠".
وأيضًا فلما وقع في سورة هود: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ "هود: ٧١"، وقوله: ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ "هود: ٧٣". وذكر هنا حال يعقوب مع أولاده، وحال ولده الذي هو من أهل البيت مع إخوته، فكان كالشرح لإجمال ذلك.
وكذلك قال هنا: ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ﴾ "٦" فكان ذلك كالمقترن بقوله في هود١: ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ "هود: ٧٣".
وقد روينا عن ابن عباس وجابر بن زيد في ترتيب النزول: أن يونس نزلت، ثم هود، ثم يوسف٢. وهذا وجه آخر من وجوه المناسبة في ترتيب هذه السور الثلاث؛ لترتيبها في النزول هكذا.
٢ الإتقان "١/ ٩٧" نقلًا عن محمد بن الحارث بن أبيض في جزئه.