سورة إبراهيم:
أقول: وجه وضعها بعد سورة الرعد زيادة على ما تقدم بعد إفكاري فيه برهة: أن قوله في مطلعها: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾ "١" مناسب لقوله في مقطع تلك: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ "الرعد: ٤٣" على أن المراد بـ"مَنْ" هو: الله تعالى جل جلاله.
وأيضًا ففي الرعد: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ﴾ "الرعد: ٣٢"، وذلك مجمل في أربعة مواضع: الرسل، والمستهزئين، وصفة الاستهزاء، والأخذ، وقد فصلت الأربعة في قوله: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ... ﴾ "٩-١٦" الآيات١.

١ المواضع الأربعة المفصلة لما أجمل في سورة الرعد هي: الرسل، في قوله: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ﴾ [٩] الآية، ونظم الدرر "٤/ ١١٧" وما بعدها.
والمستهزئون، وصفة الاستهزاء، في قوله: ﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾ "٩"، وقوله: ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ "١٠"، وقوله: ﴿لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾ "١٣"، والأخذ في قوله تعالى: ﴿لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ، وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ "١٣، ١٤"، ونظم الدرر "٤/ ١٦٥، ١٦٦".


الصفحة التالية
Icon