ثم جاء الامر الثاني.. فمزق الله حجاب المكان لمحمد عليه الصلاة والسلام.. وجاء في أمر من أدق الامور وهو حديث النفس.. وهنا وقبل أن نبدأ.. أح ب أن نضع في أذهاننا جيدا أن القرآن هو كلام الله المتعبد بتلاوته.. وأنه يبقى بلا تعديل ولا تغيير لا يجرؤ أحد على أن يمسه أو يحرقه.. ومن هنا فإن هذا الكلام حجة على محمد عليه الصلاة والسلام مأخوذة عليه.. فإذا أخبر القرآن بشئ.. واتضح أنه غير صحيح.. كان ذلك هدما للدين كله.. يأتي القرآن وقد بينت خطورة ما يقول.. (ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله) ما معنى هذا الكلام.. معناه امعان في التحدي.. فالقرآن هنا لا يقول لهم لقد هتكت حاجز الماضي.. وأخبرتكم بأنباء الاولين.. ولا يقول لهم سأهتك حاجز المكان وأخبركم بما يدور في بقعة قريبة لا ترونها بل يقول: سأهتك حاجز النفس.. وأخبركم بما في أنفسكم.. بما في داخل صدوركم.. بما لم تهمس به شفاهكم.. وكان يكفى لكى يكذبوا محمدا أن يقولوا لم تحدثنا أنفسنا بهذا.. لو لم يقولوها بالفعل داخل أنفسهم لكان ذلك أكبر دليل لكي يكذبوا محمدا ويعلنوا أنه يقول كلاما غير صحيح.. إذ فالقرآن في هتكه لحجاب المكان.. دخل الى داخل النفس البشرية.. والى داخل نفوس من.. الى داخل نفوس غير المؤمنين الذين يهمهم هدم الاسلام.. وقال في كلام متعبد بتلاوته لن يتغير ولا يتبدل.. قال: (ألم تر الى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالاثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوا حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا