. مقصود بها أولئك الموجودون في الدنيا.. مصداقا لقوله تعالى (لتنذر من كان حيا).. والجزاء على الشئ ليس هو عين موضوعه.. لذلك فان الدين لا يقتصر على الغيبيات فقط.. فالغيبيات يصدقها من آمن بالله.. لانها جاءت عن الله اما غير المؤمن فليس له الا واقع الحياة ولابد أن يبين لنا واقع الحياة أن هذا المنهج الذي جاء من عند الله.. لو اتبع كما يريده الله فسيختفى الشقاء من المجتمع.. ولذلك نجد القرآن يفسر ذلك تفسيرا دقيقا.. (فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى.. ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا).. هذا في الدنيا.. ثم قال تعالى: (ونحشره يوم القيامة أعمى).. قول الله معيشة ضنكا.. يدل على أن تعاليم الله نزلت لتحمى الانسان من ضنك وشقاء المعيشة في الدنيا.. والشقاء البشري ليس اقتصاديا فحسب.. لا يتعلق بالمال وحده.. وانما معنى ضنك المعيشة هو الضيق.. في المعيشة.. وهذا له أسباب متعددة.. فقد يملك الانسان أموالا طائلة.. ومع ذلك يضيق بحياته.. ذلك أن جوانب النفس البشرية جوانب شتى.. قد يشبع المال جانبا منها.. وتبقى الجوانب الاخرى في ضيق وشقاء.. ولذلك نجد أن انسانا يملك أموالا طائلة.. قد يرغمه ظرف من ظروفه أن ينتحر.. لماذا؟.. لقد ضربت مثلا لذلك بالسويد.. وهي أعلى دول العالم في نصيب الفرد من ترف الحياة.. ومع ذلك فان الاحصاءات تقول انها من أعلى دول العالم في الانتحار والامراض العصبية والنفسية.. المسألة ليست مسألة مادية فقط.. وشقاء الحياة لا يجب أن يؤخذ على أنه فقط جانب المال.. بل هناك جوانب أخرى تسبب لصاحبها شقاء انسانيا أكثر من قلة المال..


الصفحة التالية
Icon