قال زيد: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف، قد كنت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها، فالتمسناها، فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾.
فألحقناها في سورتها في المصحف".
"قال ابن حجر: وكان ذلك في سنة خمس وعشرين، قال: وغفل بعض من أدركناه، فزعم أنه كان في حدود سنة ثلاثين، ولم يذكر له مستندًا، انتهى.
وأخرج ابن أشتة من طريق أيوب عن أبي قلابة، قال: حدثني رجل من بني عامر، يُقال له: أنس بن مالك، قال: اختلفوا في القراءة على عهد عثمان، حتى اقتتل الغلمان والمعلمون، فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فقال: عندي تكذّبون به وتلحنون فيه، فمن نأى عني كان أشدَّ تكذيبًا وأكثر لحنًا، يا أصحاب محمد اجتمعوا، فاكتبوا للناس إمامًا، فاجتمعوا فكتبوا، فكانوا إذا اختلفوا وتدارؤا في آية قالوا: هذه أقرأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلانًا، فيرسَلُ إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة، فقال له: كيف أقرأك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آية كذا وكذا؟، فيقول: كذا وكذا، فيكتبونها، وقد تركوا لذلك مكانًا"١.
ولم يكن كلهم يكتبون القرآن، بل اختار عثمان منهم أربعةً عهد إليهم بكتابته نسخًا من المصحف الذي كان عند حفصة -رضي الله عنها، هم: "زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام"٢.
وقيل: إنه اختار لهذا العمل اثني عشر رجلًا من خيرة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
قال السيوطي في الإتقان: "أخرج ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف، جمع له اثني عشر رجلًا من قريش والأنصار، فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر، فجيء

١ الإتقان ج١ ص٢٠٩.
٢ النشر ج١ ص٥١.


الصفحة التالية
Icon