وجعل الفصل السادس في بيان العلاقة بين الأداء والرسم، ووضَّح كيف صارت موافقة الرسم أحد شروط القراءة الصحيحة، وبيَّنَ الإمكانيات الجائزة لمخالفة ألفاظ التلاوة الثابتة النقل للرسم، مما يرجع إلى طبيعة الكتابة نفسها، وقصورها في إمكانية تمثيل النطق تمثيلًا دقيقًا، وممَّا يرجع إلى طبيعة الرسم العثماني نفسه.
وختم البحث ببيان العلاقة بين الرسم المصحفي والرسم الإملائي الذي كتب به الناس في غير المصاحف منذ القرن الأول الهجري، ولا نزال نكتب به إلى اليوم.
واعتمد الباحث في بحثه على التحليل والتعليل، مناقشًا كل ذي رأي في رأيه بقدر ما أتيح له من علم ومعرفة، ورجع في دراسته هذه إلى كثير من المصادر المطبوعة والمخطوطة، عربية وأجنبية.
المصحف العثماني والأحرف السبعة:
اختلف العلماء حول اشتمال المصحف العثماني في رسمه على الأحرف السبعة التي وردت في الأحاديث الصحيحة، وعدم اشتماله عليها، على ثلاثة مذاهب:
١- "فقد ذهبت جماعات من الفقهاء والقراء والمتكلمين إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة، وبنت ذلك على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الحروف السبعة التي نزل بها القرآن"١.
٢- "وذهبت جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين -كما يقول ابن الجزري- إلى أن هذه المصاحف مشتمِلَة على ما يحتمله رسمها من الأحرف فقط، جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي -صلى الله عليه وسلم- على جبريل، متضمنة لها، لم تترك حرفًا منها"٢.
٢ المرجع السابق.