تعريف سبب النزول:
لعلك فطنت مما سبق إلى معرفة معنى السبب الذي تنزل عليه الآية بوجه عام، ونزيدك هنا إيضاحًا بذكر تعريفٍ جامع لأكثر مسائله، مانع من دخول غيرها فيها، فنقول:
سبب النزول هو ما نزلت الآية أو الآيات متحدِّثَةً عنه أو مبيِّنَةً لحكمه أيام وقوعه.
وبيان ذلك أن الآية أو الآيات قد تنزل مثلًا لتفصل بين متخاصمين وقع بينهما شجار، أو تكشف عن مكيدة صنعها بعض المنافقين، أو تتحدَّث عن مقولة قالها أحد المشركين، أو ترفع شبهة أدلى بها أحد المغرضين، أو تزيل ريبًا وقع فيه بعض المؤمنين، أو تَبُتُّ في شكوى توجَّه بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض المظلومين، أو تجيب عن سؤال، أو تمنٍّ صدر عن واحد أو أكثر من المسلمين أو المشركين، ونحو ذلك مما سيأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
والمراد بقولنا: "أيام وقوعه" أن الحادثة أو السؤال لا يصلح كلٌّ منهما سببًا للنزول إلّا إذا نزلت الآية أيام وقوعه، أو بعده بقليل، فهو قيد في التعريف لا بُدَّ منه للاحتراز عن الآية أو الآيات التي تنزل ابتداء من غير سبب، والتي تتحدَّث عن حوادث ماضية سبقت نزول الآية بزمن بعيد؛ لأن البيان لا يتأخَّر عن وقت الحاجة -كما يقول علماء الأصول- واحترازًا عن الآية أو الآيات التي تتحدَّث عن حوادث مستقبلة تقع بعد نزولها.
طرق معرفة أسباب النزول:
يعتمد العلماء في معرفة أسباب النزول على صحَّة الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة، فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا إذا كان صريحًا لا يكون بالرأي، بل يكون له حكم المرفوع.
قال الواحدي في أوائل كتابه "أسباب النزول"١: "لا يحلُّ القول في

١ ص٤.


الصفحة التالية
Icon