ومعرفته على التعيين لا تعين على فهم الآية، ويكفيها أنها برَّأت أخاها من هذه التهمة التي رماها بها مروان.
٥- ومن فوائد العلم بأسباب النزول كما قال الزرقاني١: "تيسير الحفظ، وتسهيل الفهم، وتثبيت الوحي في ذهن كل من يسمع الآية إذا عرف سببها، وذلك لأن ربط الأسباب بالمسببات، والأحكام بالحوادث، والحوادث بالأشخاص والأزمنة والأمكنة، كل أولئك من دواعي تقرر الأشياء وانتقاشها في الذهن وسهولة استذكارها عند استذكار مقارناتها في الفكر، وذلك هو قانون تداعي المعاني المقرَّر في علم النفس" أ. هـ.
٦- ومن فوائد العلم به معرفة حكمة الله تعالى فيما شرعه لعباده في الكتاب العزيز على وجه يفيد اليقين، فإن المفسِّر إذا عرف سبب النزول اطمأنت نفسه إلى صحة ما يقول لمعرفته به، وبالإضافة إلى المعاني التي استنبطها من اللغة، والنقل الصحيح عن الصحابة والتابعين في التأويل.
فالسبب إن لم يكن دليلًا على صحة المعنى، وسلامة التأويل، فهو من الأمور التي يستأنس بها في ذلك، ولا شك.
ولهذه الفوائد وغيرها بالَغَ العلماء في العناية بهذا العلم، وأطنبوا في شرحه وتفصيل مسائله، وتتبعوا الآثار الواردة فيه، فأفرده بالتأليف جماعة أقدمهم عليّ بن المديني شيخ البخاري -كما يقول السيوطي في الإتقان.
ومنهم الواحدي، فقد ألَّف كتابًا سماه: "أسباب النزول"، واختصره الجعبري بحذف أسانيده ولم يزد عليه شيئًا.
وألَّف السيوطي فيه كتابًا جامعًا لما أتى به الواحدي مع زيادات كثيرة سماه: "لباب النقول في أسباب النزول".
وأُلِّفَت في هذا العلم رسائل جامعية منها:
رسالة للدكتور محمد يوسف القاسم.
ولا يزال هذا العلم في حاجة إلى تنقيح وتمحيص.
نسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا للإسهام في ذلك العمل الجليل، إنه حسبنا ونعم الوكيل.