وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}.
فقد أخبر الله -عز وجل- أنه لا يَتَّبِعُ المتشابه، ولا يَعْمَدُ إلى تأويله ابتغاء الفتنة، إلّا الذين في قلوبهم زيغ، وأما الراسخون في العلم فيقولون: آمنا به، كلٌّ من عند ربنا، ولا يخوضون في تأويل ما لا علم لهم به على التعيين.
ويقفون في قراءة الآية على لفظ الجلالة، ويبتدئون بقوله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا﴾.
وقد جاءت في أفضلية الوقف على لفظ الجلالة في الآية روايات عن القراء من الصحابة، ذكرها ابن جرير، وابن كثير في تفسيرهما.
وجوَّز بعض العلماء الوقف على ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ بناءً على أنهم يعلمون المتشابه.
ولكن هذا فيما لم يستأثر الله بعلمه، أما ما استأثر الله بعلمه فلا يعلمه أحد سواه.
فمن وقف على لفظ الجلالة فسَّر المتشابه في الآية بما استأثر الله بعلمه، لقيام الساعة، وبعض صفاته تعالى.
ومن وقف على ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ فسَّرَ المتشابه بمعناه العام، وهو ما يحتمل أكثر من وجه لسبب من الأسباب التي ذكرها الرازي والراغب، وغيرهما، وقد تقدَّمَت في المبحث السابق.
وأما أدلتهم من السُّنَّة فكثيرة، منها:
١- ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾.

١ آية: ٧.


الصفحة التالية
Icon