"أما الجمع المنكَّر فقد اختلف العلماء في عمومه، فذهب قوم إلى عمومه بدليل قوله تعالى:
﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ ١.
فآلهة جمع منكَّرٌ، وهو عام بدليل الاستثناء منه، والاستثناء آية العموم كما ذكرنا.
وذهب آخرون إلى أن الجمع المنكَّر لا يُعَدُّ سامة عامًّا، وأنه لا استثناء في الآية الكريمة السابقة؛ لأن إلّا بمعنى غير، صفة لما قبلها، ولا يصح أن تكون للاستثناء وإلّا وجب نصب ما بعدها؛ لأن الكلام تام موجب، ولفظ الجلالة مرفوع بلا خلاف، فالحق ما ذهب إليه أكثر العلماء من أن الجمع المنكَّر لا يفيد العموم"٢.
٣- المفرد المحلَّى بأل المستغرقة للجنس:
مثل قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ ٣.
﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ ٤.
﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ ٥.
وعلامة "أل" المستغرِقَة للجنس أن يصح حلول "كل" محلها، وأن يصح الاستثناء من مدخولها، وهو دليل على أنها مفيدة للعموم.
كقوله تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
٢ انظر "أصول الفقه" لمحمد زكريا البرديسي.
٣ المائدة: ٣٨.
٤ النور: ٢.
٥ الإنسان: ٢.