المبحث الرابع والعشرون: المجمل والمبين
تعريف المجمل والمبين
...
المبحث الرابع والعشرون: المجمَل والمبيِّن
في القرآن والسُّنَّة نصوص لا تحتمل إلّا وجهًا واحدًا من المعاني، وفيه نصوص تحتمل أكثر من معنى، إلّا أن هناك دليلًا يرجِّح معنًى منها، وهو ما يُسَمَّى في عُرْفِ الأصوليين بالظاهر، كما يُسَمَّى الأول بالنص.
وفي القرآن والسُّنَّة نصوص مجمَلَة بيَّنَتْها نصوص أخرى، فأزالت إبهامها، ووضَّحت المراد منها، وقد سبق في تعريف المحكَم والمتشابِه تعريف الإمام الرازي للنصِّ والظاهر والمجمَل، والمؤوَّل، بإيجاز.
وهنا نبيِّنُ -بعون الله تعالى- تعريف المجمَل بشيء من البَسْطِ، ثم نذكر أقسامه، وما يتعلَّق بهذه الأقسام من المسائل الأصولية.
تعريف المجمَل والمبَيِّن:
"المجمَل في عُرْفِ الفقهاء: ما أفاد شيئًا من جملة أشياء، هو متعيِّنٌ في نفسه، واللفظ لا يعينه"١.
كقوله تعالى: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاة﴾.
فلفظ ﴿أَقِيمُوا﴾ يفيد وجوب فعل متعيِّن في نفسه، غير متعيِّن بحسب اللفظ، لهذا احتاج إلى مبيِّنٍ يبينه.
"والمبيِّن هو: ما يفرِّق بين الشيء وما يشاكله، فهو دلالة على المعنى المراد على سبيل البَسْطِ والتفصيل.
ويعرفه الفقهاء بأنه الذي دلَّ على المراد بخطاب لا يستقلّ -بنفسه- في الدلالة على المراد"٢.
فالمجمَل هو المبهَم الذي لا يتَّضِحُ المراد منه إلّا بقرينة شرعية تزيل إبهامه وتوضِّحُ المراد منه.
فهو كما قال السرخسي٣: "لفظ لا يُفْهَمُ المراد منه إلّا باستفسار من المجمَل، وبيانٍ من جهته يُعْرَفُ به المراد".
٢ انظر المرجع السابق ص٢٢٦.
٣ أصول السرخسي ج١ ص١٦٨.