أقسام المبيِّن:
المبيِّن -بتشديد الياء وكسرها- هو كما عرفت: ما يفرِّق بين الشيء وما يشاكله، ويدل على المراد بخطاب لا يستقل -بنفسه- في الدلالة على المراد.
وقد قسَّمه الإمام الرازي ١ إلى ثلاثة أقسام:
الأول: بيان بالقول، وهو ظاهر.
والثاني: بيان بالفعل، بأن يرد اللفظ في القرآن، أو في السُّنَّة محتملًا لعدة معانٍ، فيعلم من كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أحد المعاني هو المراد مستدِلًّا على ذلك بفعله -صلى الله عليه وسلم، ولا يُعْلَمُ كَوْنُ الفعل بيانًا للمجمل إلّا بأحد أمور ثلاثة:
أ- أن يعلم ذلك بالضرورة من قصده.
ب- أن يعلم بالدليل اللفظي وهو أن يقول: هذا الفعل بيان لهذا المجمَل، أو يقول أقوالًا يلزم من مجموعها ذلك.
ج- أن يعلم ذلك بالدليل العقلي، وذلك أن يذكر المجمَل وقت الحاجة إلى العمل به، ثم يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلًا يصلح أن يكون بيانًا له، ولا يفعل شيئًا آخر، فيُعْلَم أن ذلك الفعل بيان للمجمَل، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
الثالث من أنواع المبين: الترك.
قال الإمام الرازي: اعلم أن الفعل يبيِّن الصفة، ولا يدل على وجوبها، وترك الفعل يبيِّن نفي وجوبه، وذلك على أربعة أضرب:
أحدها: أن يقوم من الركعة الثانية إلى الثالثة، ويمض على صلاته، فيُعْلَم أن هذا التشهد ليس بشرط في صحة الصلاة، وإلّا لم تصح مع عدم شرط الصحة، ويدل على أنه ليس بواجب أنه -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز أن يتعهَّد ترك الواجب.
وثانيها: أن يسكت عن بيان حكم الحادثة، فيُعْلَم أنه ليس فيها حكم شرعي.
وثالثها: أن يكون ظاهر الخطاب متناولًا له ولأمته على سواء، فإذا ترك الفعل: دلَّ على أنه كان مخصوصًا من الخطاب، ولم يلزمه ما لزم أمته.

١ راجع المحصول ج١ ق٣ ص٢٦١.


الصفحة التالية
Icon