من شأنه أن يثبت، فيدخل فيها نسخ الأحكام الجزئية في شريعتنا بمقتضى هذا العموم.
لهذا جعلها كثير من العلماء من أدلة الجواز.
ما يقع فيه النَّسْخُ:
اعلم أن النَّسْخَ لا يكون إلّا في الأحكام الشرعية العملية الثابتة بالنصِّ، غير المؤقتة بوقت ولا مؤبَّدة نصًّا، وليست من القواعد الكلية، فالنَّسْخُ لا يتأتَّى في الأحكام العقدية؛ لأنها ثابتة محكَمَة في جميع الشرائع السماوية، ولا في الأحكام الشرعية العملية التي لم يرد فيها نصٌّ من القرآن ولا من السُّنَّة؛ كالأحكام التي يكون دليلها الإجماع، أو القياس.
ولا يتأتَّى في الأحكام المؤقتة بوقت؛ لأنها تنتهي بوقتها.
ولا في الأحكام المنصوص على تأبيدها؛ لأن النَّسْخَ فيها يتناقض مع التأبيد، بشرط أن يكون التأبيد منصوصًا عليه.
ولا يلحق النَّسْخَ القواعد الكلية التي تندرج تحتها الفروع الجزئية؛ لأن هذه القواعد مقاييس تبنى عليها الأحكام، كقوله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ١.
وقوله -صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" ٢.
وهي كثيرة جدًّا في القرآن والسنة.
فلا نسخ إذًا في الأمور الاعتقادية المتعلقة بذات الله تعالى وصفاته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخِر.
ولا نسخ في الأصول الأخلاقية؛ لأنها من الأمور المتَّفَقِ عليها في الشرائع السماوية.
كقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ ٣.

١ البقرة: ٢٨٦.
٢ راه مالك في الموطأ.
٣ الأعراف: ١٩٩.


الصفحة التالية
Icon