كتاب الله -عز وجل- لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا ناجيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تصدقت بدرهم، فنُسِخَت ولم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، ثم تلا هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ الآية١.

١ انظر تفسير ابن كثير ج٨ ص١٧٢.

حسم الخلاف:
إذا نظرنا إلى خلاف العلماء حول النَّسْخِ إلى غير بدل، وجدناه في الحقيقة خلافًا حول مفهوم البدل نفسه، لا حوْلَ اشتراطه، فإن مفهوم البدل ومعناه العام يشمل أمرين: الرد إلى ما كان قبل شرع الحكم المنسوخ، وهو البراءة الأصلية أو الإباحة.
ونَقْلُ الحكم المنسوخ إلى حكم آخر، فكلاهما يُسَمَّى بدلًا، فلا إشكال إذن ولا خلاف؛ لأن ردَّ الحكم إلى الإباحة هو نسخ إلى بدل؛ لأن الإباحة نوع من أنواع الخطاب، وهو خمسة أنواع هي:
١- الوجوب.
٢- الندب.
٣- الحرمة.
٤- الكراهة.
٥- الإباحة.
النَّسْخُ إلى الأخفِّ والمساوي والأثقل:
عرفت فيما سبق أن النَّسْخَ إلى بدل واقع في القرآن والستة باتفاق العلماء، وقد قسَّموه إلى ثلاثة أقسام:
الأول: نسخ الأثقل بالأخفِّ، وهو الغالب والكثير.
والثاني: نسخ الحكم بحكم آخر مساوٍ له.
والثالث: نسخ الأخفِّ بالأثقل، وهو قليل.
ومنعه بعضهم بدعوى أن الله يريد بنا اليسر، ولا يريد بنا العسر، وبأنه تعالى يريد أن يخفِّفَ عنا، كما قال -جل شأنه:


الصفحة التالية
Icon