فقد نسختها الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: ﴿الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
روى أبو داود عن ابن عباس قال: نزلت ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ فشقَّ ذلك على المسلمين حين فُرِضَ الله عليهم ألا يفرَّ واحد من عشرة، ثم إنه جاء التخفيف فقال: ﴿الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُم﴾.
ومثال نسخ الحكم إلى ما هو مساوٍ له:
نسخ التوجُّه إلى بيت المقدس بالتوجُّهِ إلى الكعبة بقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام﴾ ١.
ومثال النَّسْخِ من الأخفِّ إلى الأثقل:
نسخ صيام عاشوراء بصيام رمضان٢.
ونسخ حبس الزواني بالجلد والرجم، ولا شكَّ أن الضرب بالحجارة حتى الموت أثقل من الحبس.

١ البقرة: ١٤٤.
٢ قيل: كان صوم يوم عاشوراء فرضًا، فنُسِخَت فرضيته وبقي صومه مستحبًّا، وهذا النقل من الفرض إلى المستحبِّ يُسَمَّى عند المتقدِّمين من الصحابة والتابعين نسخًا.

طرق معرفة الناسخ والمنسوخ:
النَّسْخُ يتضمَّن رفع حكمٍ تقرَّرَ من جهة الشارع، وإثبات حكم، ومثل هذا لا يحلُّ لمسلم أن يقول فيه إلّا بيقين.
فمن قال في شيء: إنه منسوخ، فقد أوجب إلّا يُطَاعَ هذا الأمر الصادر عن الله أو عن رسوله -صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن نسقط طاعةً أمَرَنَا بها الله تعالى ورسوله إلّا ببرهان.
وفي هذا يقول ابن الحصار: "إنما يُرْجَعُ في النَّسْخِ إلى نقلٍ صريحٍ عن


الصفحة التالية
Icon