وقد جاءت روايات أخرى في هذا الموضوع تخالف ما ذكرناه، لكن لم يثبت لدينا صحة شيء منها؛ ولهذا رجَّحْنَا ما بسطناه، ولا يعكر صفو القول بالنَّسْخِ هنا ما نلاحظه من تأخُّر الآية المنسوخة عن الناسخة في المصحف؛ لأن المدار على ترتيب النزول لا على ترتيب المصحف كما تعلم"١ أ. هـ.
٢٠- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ ٢.
قيل: نُسِخَت بقوله سبحانه عقب تلك الآية:
﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ٣.
وقد تقدَّمَ الكلام عن ذلك عند ذكر نسخ الأثقل بالأخف.
٢١- قوله تعالى في سورة الممتحنة:
﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا﴾ ٤.
قيل: نسختها آية الغنيمة، وهي قوله سبحانه: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ ٥.
وقيل: منسوخة بآية السيف، وقيل: محكمة.
وبيان ذلك أن الآية الأولى تفيد أن زوجات المسلمين الَّلاتي ارتددن ولحقن بدار الحرب يجب أن يدفع إلى أزواجهن مثل مهورهن، من الغنائم التي يغنمها المسلمون، ويعاقبون العدو بأخذها.

١ مناهل العرفان ج٢ ص١٦٣، ١٦٤.
٢ المجادلة: ١٢.
٣ المجادلة: ١٣.
٤ آية: ١١.
٥ الأنفال: ٤١.


الصفحة التالية
Icon