وقد أجاب النافون عن الدليل الأول بأنه من قبيل التخصيص أو هو منسوخ بآية "الشيخ والشيخة" التي نُسِخَت تلاوتها وبقي حكمها.
وأجابوا عن الثاني بأن آية الوصية منسوخة بآية المواريث لا بالحديث.
وعن الثالث بأن الناسخ له آية الجلد أو آية: "الشيخ والشيخة".
وجاء الحديث موافقًا لهما.
أو أن الحديث تخصيص لا نسخ؛ لأن الحكم الأول جعل الله له غاية هو الموت، أو صدور تشريع جديد في شأن الزانيات.
وقد بسط الزرقاني في "مناهل العرفان" أدلة الفريقين ومناقشة كلٍّ منهما للآخر، ثم قال بعد ذلك البسط: "من هذا العرض يخلص لنا أن نسخ القرآن بالسنة لا مانع يمنعه عقلًا ولا شرعًا، غاية الأمر أنه لم يقع لعدم سلامة أدلة الوقوع كما رأيت"١.
والقول كما قال -والله أعلم.

١ راجع "مناهل العرفان" ج٢ ص١٣٣-١٤٠.

نسخ السنة بالقرآن:
أما نسخ السنة بالقرآن، فقال أيضًا بمنعه قوم، وقال بجوازه آخرون وهم الجمهور، وقد استدلوا على جوازه بأدلة منها:
أ- أن استقبال بيت المقدس في الصلاة لم يُعْرَف إلّا من السُّنَّة، وقد نسخة قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ ١.
ب- ومنها أن الأكل والشرب والمباشرة كان محرَّمًا في ليل رمضان على من صام، ثم نُسِخَ هذا التحريم بقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ﴾
١ البقرة: ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon