وذكر بعضها وفنَّدها، فراجعه إن شئت.
وقد تحصل ما تقدَّمَ أن النَّسْخَ ينقسم إلى أربعة أقسام:
الأول: نسخ القرآن بالقرآن.
الثاني: نسخ السنة بالقرآن.
والثالث: نسخ القرآن بالسنة.
والرابع: نسخ السنة بالسنة.
وقد بسطنا القول في الأول، لأنه واقع في مجال بحثنا، مكين في موضوع كتابنا هذا، وأوجزنا القول في الأقسام الباقية؛ لأن محلها كتب الأصول كما أشرنا من قبل، ولم يبق لنا من عناصر هذا المبحث إلا بيان الحكمة من النَّسْخِ، وفيما يلي بيانها:
حكمة الله في النسخ:
بعد أن عرفنا مفهوم النَّسْخِ في اللغة والشرع، وعرفنا حكمه وأدلته، وأركانه وشروطه، وما إلى ذلك، أرى أن أختم هذا البحث ببيان الحكمة من النَّسْخِ وإنها لعظيمة، عرفنا شيئًا منها فآمنَّا به، وخفي منه الكثير فسلَّمْنَا بجهلنا فيه.
ولسنا مكلَّفين بمعرفة الحكمة من كل تشريع، وإن كان البحث عنها من ملح العلم، ومما يزيد القلب طمأنينة بسلامة هذا التشريع، وخلوه من التناقض والاختلاف، والخلل والانحراف، وصلاحيته لكل الناس في جميع العصور على السواء.
أقول: إن شريعة الإسلام نَسَخَت جميع الشرائع؛ لأنه جاء بتشريع وافٍ قد اكتملت فيه أسباب الهداية، واشتملت أحكامه جميع متطلبات الحياة، فلم يَعُدْ للتشريعات السابقة ما يستدعي بقاءها معه بحالٍ، فقد تقلَّب الإنسان في أطوار شتَّى، فكان لكل طور منها تشريع يخصه ويلائمه، حتى انتهى العالم


الصفحة التالية
Icon