وقد نقل الزركشي في البرهان١ عن بعض العلماء في تعليل الفرق بين المِثْل والمَثَل: بأنه لو كان المِثْل والمَثَل سيان، للزم التنافي بين قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾، وقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾.
فإن الأولى نافية، والثانية مثبتة له.
ونحن نسلم أن بين المَثَل والمِثْل فرقًا ما، ولكننا لا نسلم بلزوم التنافي بين الآيتين، فإن قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ معناه كما قال ابن كثير في تفسيره: "الكمال المطلق من كل وجه وهو منسوب إليه"٢.
وأما قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾ فمعناه: ليس مثل صفته شيء من صفات الخلق كما تقدَّمَ.
وبهذا التفسير لا يكون بين آية الشورى وآيتي النحل والروم تنافٍ من أي وجه.
هذا، وقد فرَّق الإمام فخر الدين الرازي -من جهة أخرى- بين المثل -بالكسر، والمثل -بالفتح، فقال: "المثل -بالكسر: هو الذي يكون مساويًا للشيء في تمام الماهية، والمثل -بالفتح: هو الذي يكون مساويًا له في بعض الصفات الخارجة عن الماهية"٣.
"وقيل: المكسور بمعنى شبه، والمفتوح بمعنى الوصف"٤.
وابن منظور في لسان العرب لا يفرِّق بين المثل بالكسر، والمثل بالفتح، بل
٢ ج٢ ص٤٩٦". دار الشعب.
٣ انظر البرهان للزركشي ج١ ص٤٩١.
٤ المصباح المنير ص٥٦٤ ط. دار المعارف.