حملها على ما يُذْكَر في كتب الأدب من تشبيه المضرب بالمورد، ولا يشترط أن يكون فيها غرابة أو طرافة، ولكنها صور مختلفة لمعاني تَرِدُ للعبرة والاتعاظ، وتقريب ما يستعصي على العقول فهمه من الأمور الغيبية، كصفة الجنة، وكيفية زوال الدنيا، وغير ذلك، سواء صُرِّحَ فيه بلفظ المثل أم لم يصرَّح به، بأن أرسل إرسالًا، فاتخذه الناس مثلًا يحتجون به، ويعتبرون بما فيه.
فالأمثال القرآنية مقاييس عقلية تخلو من التكلُّف والاعتساف، وقواعد كلية للمبادئ الخلقية الصالحة لكل زمان ومكان.
والمثل القرآني أسلوب بياني يجمع في طيَّاته نماذج حية مستمَدَّة من الواقع المشاهد، لتكون هذه النماذج أقيسه عامة للحقائق المجرَّدة، أو الأعمال المجرَّبة، أو الأمور التي لا تقع تحت الحسِّ والإدراك في الدنيا، والتي يترتَّب عليها أحكام شمولية، ويُبْنَى عليها صلاح أمر الناس في الدنيا والآخرة.
وبهذا الإطلاق العام لمعنى المثل في القرآن الكريم نفهم معنى قوله تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ ١.
أنواع المثل القرآني:
يرى بعض الباحثين أن الأمثال القرآنية تنقسم من حيث هي إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الأمثال المصرَّحة أو القياسية:
وهي التي صُرِّحَ فيها بلفظ المثل أو ما يقوم مقامه.
كقوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾. [البقرة: ١٧].
﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُون﴾ [الرعد: ٣٥].
﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ [النور: ٣٥].
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾ [النور: ٣٩].
﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾. [النور: ٤٠].