مصالح الدين والدنيا، ويجمع بين عزِّ الآخرة والأولى، كل ذلك في قصد واعتدال، وببراهين واضحة مقنعة تبهر العقل، وتملك اللب، والكلام على هذه التفاصيل يستنفد مجلدًا بل مجلدات" أ. هـ١.

١ انظر "مناهل العرفان" ج٢ ص٢٣٨، ٢٣٩.

الوجه السادس: إنه شيء لا يمكن التعبير عنه
"وهو اختيار السكاكي حيث قال في "المفتاح": واعلم أن شأن الإعجاز عجيب، يُدرَك ولا يمكن وصفه، كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها، وكالملاحة، وكما يدرك طيب النَّغم العارض لهذا الصوت، ولا طريق إلى تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة، إلّا بإتقان علمَيْ المعاني والبيان والتمرُّن فيهما.
وقال أبو حيان التوحيدي في "البصائر": لم أسمع كلامًا ألصق بالقلب، وأعلق بالنفس من فصل تكلم به بندار بن الحسين الفارسي -وكان بحرًا في العلم، وقد سُئِلَ عن موضع الإعجاز من القرآن فقال: هذه مسألة فيها حيف على المفتي، وذلك أنه شبيه بقولك: ما موضع الإنسان من الإنسان؟ فليس للإنسان موضع من الإنسان، بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته، ودللت على ذاته، كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء منه إلّا وكان ذلك المعنى آية في نفسه، ومعجزة لمحاوله، وهدًى لقائله، وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كلامه، وأسراره في كتابه، فلذلك حارت العقول، وتاهت البصائر عنده"١.
١ "البرهان في علوم القرآن" ج٢ ص١٠٠.

الوجه السابع: أنه معجز لأنه معجز
وبيان ذلك كما ذكر الرافعي١: "إنه معجز بالمعنى الذي يفهم من لفظ الإعجاز على إطلاقه، فهو أمر لا تبلغ منه الفطرة الإنسانية مبلغًا، وليس إلى ذلك
١ انظر "إعجاز القرآن" ص١٥٦.


الصفحة التالية
Icon