ذلك، فكان من رحمة الله بهم أن أنزل الله هذه السور القصيرة في آيتها ومقاطعها ليتمكنوا من حفظها وتلاوتها في يسر ونشاط.
وأمَّا مقاصد القرآن المدني فهي -كما قلنا- تابعة للمقاصد السابقة، ومبنية عليها، ومبيِّنَة لمجملها، ويمكننا أن نجملها فيما يلي:
١- بيان الأحكام العقدية والشرعية بالتفصيل، بيانًا يكشف دقائقها وأسبابها، وشروط صحتها، والحكمة من تشريعها.
٢- ظهرت في العهد المدني تشريعات لم تكن في العهد المكي، مثل مشروعية الصوم، ومشروعية القتال، وفريضة الحج، وتحريم الخمر، وتحريم الربا، وغير ذلك.
٣- الكشف عن أحوال المنافقين الذين كانوا أشدَّ الناس خطرًا على الإسلام والمسلمين، وبيان ما انطوت عليه نفوسهم من خبث ومكر وخداع، وحرصٍ وطمع، وإعلام المسلمين بمآلهم بعد إعلامهم بحالهم، وإيصائهم باتخاذ الحيطة والحذر من كيدهم وألاعيبهم، ومراقبتهم في جميع تصرفاتهم المغرضة، ومجاهدتهم بالحجة والبرهان، والإغلاظ عليهم في القول والمعاملة، مع بذل النصح لهم بالرجوع إلى الله تعالى، والتمسُّك بدينه الحنيف.
٤- دعوة أهل الكِتَاب إلى الإسلام ومجادلتهم بالحُجَّة والبرهان في معتقاداتهم الباطلة، وشبههم المزيفة، وبيان جناياتهم على الكتب السماوية بالتحريف والتبديل، وردِّهم عن غيِّهم إلى الرشد الذي جاءهم به الإسلام.
فائدة العلم بالمكي والمدني:
بعد أن عرفنا ما هو المكي والمدني، وخصائص كلٍّ منهما، يجدُر بنا أن نختم هذا البحث ببيان ما يعود على الباحثين فيه من الفوائد، فنقول:
١- تمييز الناسخ من المنسوخ، فيما لو وردت آيتان أو أكثر مختلفة الحكم، وعلمنا أن إحداها مكية، والأخرى مدنية، فإننا نحكم حينئذ بأن المدنية ناسخة للمكية لتأخرها عنها.


الصفحة التالية
Icon