ترتيب الآي:
اتفق العلماء على أن ترتيب آيات القرآن كانت بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم- تلقاه من ربه -عز وجل- بطريق الوحي.
وقد حكى الإجماع في ذلك غير واحد من المحققين.
كما ذكر الزركشي في البرهان، والسيوطي في الإتقان وغيرهما، وقد ورد في ذلك نصوص مترادفة تدل على ذلك منها:
ما أخرجه أحمد بإسناد حسن، عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت جالسًا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ شَخَصَ ببصره، ثم صوَّبَه، ثم قال: "أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذه الموضع من هذه السورة".
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ ١. إلى آخرها.
ومنها ما أخرجه البخاري عن ابن الزبير قال: قلت لعثمان: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا﴾ ٢ قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها أو تدعها؟ قال: يا ابن أخي لا أغير شيئًا منه من مكانه.
ومن النصوص الدالة على ذلك إجمالًا ما ثبت من قراءته -صلى الله عليه وسلم- لسور عديدة كسورة البقرة وآل عمران في الصلاة وغيرها، بمسمَعٍ من الصحابة، وما كان الصحابة ليرتِّبوا ترتيبًا سمعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ على خلافه، فبلغ ذلك التواتر.
وروى الترمذي والحاكم وابن حبَّان وأبو داود وأحمد من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض مَنْ كان يكتب، فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا". حسَّنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم.

١ النحل: ٩٠.
٢ البقرة: ٢٤٠.


الصفحة التالية
Icon