وأما استدلال أصحاب القول الثاني بالحديث الأول والثاني والثالث، فإن غاية ما فيها الدلالة على أن بعض السور أو أكثرها رُتِّبَ بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم، لكنه لا دلالة فيها على أن جميع السور بتوقيف.
وأما دليلهم الرابع فيمكن أن يكون رجوع الصحابة عن ترتيبهم إلى ترتيب عثمان، بدافع قطع دابر النزاع والحفاظ على وحدة الأمة، لا عن اعتقاد خطأ ما كانوا عليه.
وأما دليلهم الخامس فهو مقبول في غير السور التي ورد فيها النص بالاجتهاد، ورد فيها بيان علة الترتيب كما في حديث سؤال ابن عباس لعثمان -رضي الله عنهما.
وعلى هذا: فالقول الثالث أمثل الأقوال، وهو السليم من الاعتراض والمناقشة، وأمثل ما فيه رأي البيهقي.
ولذا قال السيوطي في نهاية المطاف: والذي ينشرح له الصدر ما ذهب إليه البيهقي وهو أن جميع السور ترتيبها توقيفي، إلا براءة والأنفال.
قال الدكتور موسى لاشين بعد هذا التلخليص المفيد: سواء كان ترتيب السور توقيفيًّا أم اجتهاديًّا، فإنه ينبغي احترامه، خصوصًا في كتابة المصاحف؛ لأن أقلَّ الأمرين رعاية صدوره عن الإجماع، والإجماع حجة واجبة القبول. والله أعلم"١.

١ اللآلئ الحسان ص٤٢، ٤٣.


الصفحة التالية
Icon