وإلى هذا القول جنح القاضي عياض ومن تبعه، كما قال الزرقاني في المناهل١.
٣- قال بعضهم: المراد من الأحرف السبعة لغات سبع متفرقة في القرآن كله.
على معنى أنه في جملته لا يخرج في كلماته عن سبع لغات هي أفصح لغاتهم، فأكثره بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذيل، أو ثقيف، أو هوازن، أو كنانة، أو تميم، أو اليمن، فهو يشتمل في مجموعه على اللغات السبع.
وذهب إلى هذا القول: أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو حاتم السجستاني، واختاره الأزهري في التهذيب، واختاره أيضًا ابن عطية، حيث قال: "معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" أي: فيه عبارة سبع قبائل، بلغة جملتها نزل القرآن، فيعبَّر عن المعنى فيه تارةً بعبارة قريش، ومرة بعبارة هذيل، ومرة بغير ذلك، بحسب الأفصح والأوفر في اللفظ، ألا ترى أن "فطر" معناه عند غير قريش "ابتدأ"، فجاءت في القرآن، فلم تتجه٢ لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، فقال ابن عباس: ففهمت حينئذ معنى قوله تعالى:
﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض﴾.
وقال أيضًا: ما كنت أدري معنى قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾.
حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعالى أفاتحك، أي: أحاكمك، وكذلك قول عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّف﴾، أي: على تنقص لهم، وغير ذلك.
ثم قال: وقد قال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾.
٢ لم يتبين معناها.