وهذا يتنافى مع التيسير المقصود من نزول القرآن على سبعة أحرف كما قدمنا.
وهو مخالف لما صورته لنا الروايات السابقة من اختلافٍ في القراءت بين الصحابة، فإن المقروء فيها كان واحدًا لا محالة.
أما "القول الرابع": وهو أن المراد بالأحرف السبعة لغات عربية في كلمة واحدة؛ فهو رأي له وجاهته، غير أنه يلزم منه أن بعض هذه اللغات التي قرأ بها المسلمون قد ضيَّعَها عثمان -رضي الله عنه- لمَّا جمع الناس على حرف واحد، فيحتاج أصحاب هذا الرأي إلى مبرِّرٍ يدفع عنه التهمة، وعن المسلمين الذين أقرُّوه على ذلك، بأن يقولوا: إن المسلمين قد خُيِّرُوا في القراءة بأيِّ وجه٩ شاءوا، فاختاروا هذا الوجه على غيره حسمًا للخلاف ودرءًا للفتنة.
وأما "القول الخاس": وهو أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات في الكلمة الواحدة ذات المعنى الواحد مثل: هلمَّ، وأقبل، وتعال، وعجِّل، وأسرع، وقصدى، ونحوي.
فقد رجَّحه جماعة منهم سفيان بن عيينة، وابن جريج الطبري، وابن وهب، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء.
واستدلوا على هذا القول بما جاء في حديث أبي بكرة: "أن جبريل قال: يا محمد، اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل، استزده، فقال: على حرفين، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شافٍ كافٍ ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلمَّ وتعال وأقبل، واذهب وأسرع وعجل"١.
قال ابن عبد البر: "إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها، وأنها معانٍ متفق مفهومها، مختلف مسموعها، لا يكون في شيء منها

١ أخرجه أحمد والطبراني بإسناد جيد، وهذا اللفظ لأحمد.


الصفحة التالية
Icon