مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن، وهذا مما لا يخفى ما فيه؛ فإن التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرسم وغيره، إذا ما ثبت من أحرف الخلاف متواترًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب قبوله، وقُطِعَ بكونه قرآنًا، سواء وافق الرسم أم خالفه، وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة، وغيرهم.
ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا القول، ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف"١.
وإلى هذا القول جنح أبو شامة في "مرشده"، وغيره من الباحثين المحقِّقين في هذا العلم.
والمعوَّل عليه في صحة القراءة وقبولها والقراءة بها هو النقل الصحيح.
قال الإمام أبو محمد مكي في مصنَّفه الذي ألحقه بكتاب "الكشف" له: فإن سأل سائل فقال: فما الذي يقبل من القرآن الآن فيقرأ به، وما الذي يقبل ولا يقرأ به؟
فالجواب: أن جميع ما روي في القرآن على ثلاثة أقسام:
قسم يقرأ به اليوم، وهو ما اجتمعت فيه الشروط الثلاثة المتقدمة.
والقسم الثاني: ما صحَّ نقله عن الآحاد، وصحَّ وجهه في العربية، وخالف لفظه خط المصحف، فهذا يقبل ولا يقرأ به.
والقسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية، فهذا لا يقبل وإن وافق خط المصحف.