وليس الاختلاف في الأوجه السبعة السابقة اختلاف رواية حتى يحصل الخلل بعدم استيعابها بين كل سورتين في الرواية، بل هو اختلاف تخيير، لكن الإتيان بوجه منها مختص بكون التكبير لآخر السورة وبوجه مما يختص بكونه لأولها، وبوجه مما يحتملها متعين إذ الاختلاف في ذلك اختلاف، رواية فلا بد منه إذا قصد جمع الطرق كما في النشر، قال الجعبري: وليس في إثبات التكبير مخالفة للرسم؛ لأن مثبته لم يلحقه بالقرآن كالاستعاذة، وأما حكمه في الصلاة فقد روينا عن الحافظ الجليل أبي الخير شمس الدين محمد بن الجزري بسنده المتصل إلى الإمام عبد الحميد بن جريج عن مجاهد أنه كان يكبر من والضحى إلى الحمد، قال ابن جريح: فأرى أن يفعله الرجل إماما كان أو غير إمام. وروى الحافظ الثاني بسنده إلى الحميدي قال: سألت سفيان يعني ابن عيينة قلت: يا أبا محمد أرأيت شيئا مما فعله الناس عندنا يكبر القارئ في شهر رمضان إذا ختم يعني في الصلاة؟ فقال: رأيت صدقة بن عبد الله بن كثير الأنصاري يؤم الناس منذ أكثر من سبعين سنة فكان إذا ختم القرآن كبر. وروى السخاوي عن أبي محمد الحسن بن محمد بن عبد الله القرشي أنه صلى بالناس التراويح خلف المقام بالمسجد الحرام، فلما كانت ليلة الختم كبر من خاتمة الضحى إلى آخر القرآن في الصلاة، فلما سلم إذا بالإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه قد صلى وراءه، قال: فلما أبصرني قال لي: أحسنت أصبت السنة، وقال الإمام المحقق أبو الحسن علي بن جعفر في التبصرة: ابن كثير يكبر من خاتمة الضحى إلى أن قال في الصلاة وغيرها، وقد مر ما أسنده البزي عن الإمام الشافعي: إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم، قال في النشر بعد أن أطال في بيان ذلك: فقد ثبت التكبير في الصلاة عن أهل مكة فقهائهم وقرائهم، وناهيك بالإمام الشافعي وسفيان بن عيينة وابن جريح وابن كثير وغيرهم، قال: وأما غيرهم فلم نجد عنهم في ذلك نصا حتى أصحاب الشافعي مع ثبوته عن إمامهم، وإنما ذكره استطرادا السخاوي والجعبري وكلاهما من أئمة الشافعية والعلامة أبو شامة، وهو من أكبر أصحاب الشافعي بل هو ممن وصل إلى رتبة الاجتهاد، قلت: وكذا العلامة خاتمة المجتهدين سيدي محمد البكري صاحب الكنز كما نقله عنه بعض أجلاء أصحابه، ولفظه رضي الله عنه، ويستحب إذا قرأ في الصلاة سورة الضحى أو بعدها إلى آخر القرآن أن يقول بعدها لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد قياسا على خارج الصلاة، فإن العلة قائمة، وهي تعظيم الله وتكبيره والحمد على قمع أعداء الله وأعداء رسوله -صلى الله عليه وسلم، قال: وهل يأتي ذلك سرا أو جهرا أو يقال فيها ما قيل في السورة إن كانت الصلاة جهرية جهر أو سرية أسر، ثم قال: وينبغي أن يسر به مطلقا وتكون السكتة التي قبل الركوع بعد هذا، فإذا فرغ منه قال: اللهم إني أسألك من فضلك. ا. هـ. وظاهره ندب ذلك أعني التكبير في الصلاة في الختم وغيره، حتى لو قرأ أي سورة من سور التكبير كـ"الكافرون" والإخلاص مثلا في ركعتين كبر، وهو واضح للعلة السابقة لكن قوله: وينبغي أن يسر به، يخالفه ما نقله ابن العماد من استحباب الجهر بالتكبير بين السور


الصفحة التالية
Icon