يقين من حصول ختمة إما التي قرأها، وإما التي حصل ثوابها بتكرير السورة فهو جبر لما لعله حصل في القرآن من خلل ا. هـ.
ثم إن الدعاء١ عند الختم سنة تلقاها الخلف عن السلف، ويشهد له حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن" أو قال: "من جمع القرآن كانت له عند الله دعوة مستجابة، إن شاء عجلها له في الدنيا وإن شاء ذخرها له في الآخرة"، رواه الطبراني وكذا البيهقي، وقال في إسناده ضعف وكان محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله إذا كان أول ليلة من رمضان اجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم فيقرأ في كل ركعة عشر آيات، وكذلك إلى أن يختم القرآن وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة، ويكون ختمة عند الإفطار كل ليلة، ويقول عند كل ختمة دعوة مستجابة وعن حبيب بن أبي عمرة قال: إذا ختم الرجل القرآن قبل الملك بين عينيه، وعن مجاهد تنزل الرحمة عند ختم القرآن، وكان أنس بن مالك يجمع أهله وجيرانه عند الختم رجاء بركته، وكان كثير من السلف يستحب الختم يوم الاثنين وليلة الجمعة واختاره بعضهم وهو صائم وآخر عند الإفطار، وللدعاء آداب كثيرة لا بأس بذكر شيء منها بل أهمها الإخلاص بأن يقصد الله تعالى في دعائه لوجهه، ومنها تقديم عمل صالح من صدقة أو غيرها ومنها تجنب الحرام أكلا وشربا ولبسا وكسبا، ومنها الوضوء لحديث فيه، ومنها استقبال القبلة لحديث فيه عن ابن مسعود، ومنها رفع اليدين للحديث المشهور إن ربكم إلخ، وينبغي كشفهما حالة الرفع، ومنها الجثو على الركب والمبالغة في الخضوع لله تعالى والخشوع بين يديه، ويحسن التأدب مع الله تعالى وفي حديث فيه ضعف لكن له شاهد قوي أنه كان إذا ختم القرآن دعا قائما، وقد كان بعض السلف يدعو للختم وهو ساجد، ومنها أن لا يتكلف السجع في الدعاء ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: وانظر إلى السجع في الدعاء واجتنبه فإني عهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يفعل إلا ذلك أي: الاجتناب، ومنها الثناء على الله تعالى أولا وآخرا، وكذا الصلوات على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- واستغفر ربه فقد طلب الخير من مكانه رواه البيهقي في الشعب، وفيه أبان وهو ضعيف، ومنها تأمين الداعي والمستمع، ومنها أن يسأل الله تعالى حاجته كلها حتى شسع نعله لحديث ابن حبان، ومنها أن يدعو وهو متيقن الإجابة يحضر قلبه ويعظم رغبته، ومنها مسح وجهه بيديه بعد فراغه من الدعاء لحديث فيه، ومنها اختيار الأدعية المأثورة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوتي جوامع الكلم ولم يدع حاجة إلى غيره، ولنا فيه أسوة حسنة، وقد روى أبو منصور الأرجاني عن داود بن قيس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عند ختم القرآن: "اللهم ارحمني بالقرآن العظيم واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة، اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت، وارزقني تلاوته آناء الليل والنهار".