أو ذم؛ خالفوا بين إعراب أوله وأوسطه أحيانًا، ثم رجعوا بآخره إلى إعراب أوله، وربما أجروا إعراب آخره على إعراب أوسطه، وربما أجروا ذلك على نوع واحد من الإعراب١.
وقد يكون موضع المقيمين في الإعراب خفضا على "ما" التي في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾، ويؤمنون بالمقيمين الصلاة٢، والمقيمون الصلاة هم الملائكة، قالوا: وإقامتهم الصلاة تسبيحهم ربهم واستغفارهم لمن في الأرض. فمعنى الكلام: والمؤمنون بما أنزل إليه وما أنزل من قبلك، وبالملائكة٣.
جـ- وأما قراءة: ﴿فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ بجزم "أكن" فله وجه من الإعراب، ذلك أنه محمول على المعنى، والتقدير: إن أخرتني أكن٤.
د- وأما "إنّ هذان لساحران" فلا يلتفت لطعن الطاعن فيها؛ فهي قراءة متواترة قرأ بها نافع، وابن عامر، وأبو بكر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف٥، على أن لها وجهًا فصيحًا في العربية، ذلك هو إلزام المثنى الألف في جميع حالاته، ومنه قول الشاعر العربي:
واها لسلمى ثم واها واها... يا ليت عيناها لها وفاها
وموضع الخلخال من رجلاها... بثمن يرضى به أباها
إن أباها، وأبا أباها... قد بلغا في المجد غايتاها
وهذه لغة بني الحارث بن كعب، وقبائل أخر٦.
وثالث الأمور التي نرد بها طعن الطاعنين: مكانة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- من الحفاظ على كتاب الله، ومحله من الدين، ومكانه من الإسلام، وشدة اجتهاده في بذل النصيحة.
فهل يعقل أن يرى عثمان في المصحف لحنًا وخطأ ثم يتركه؛ ليتولى من يأتي بعده تغييره؟!

١ تفسير الطبري: ٩/ ٣٩٥، وإعراب القرآن للعكبري: ١/ ١١٣.
٢ انظر الإنصاف: ٢٧٧، وتفسير الطبري: ٩/ ٣٩٦.
٣ تفسير الطبري: ٩/ ٣٩٦، وانظر تفسير الكشاف: ١/ ٣١٣.
٤ إعراب القرآن للعكبري: ٢/ ١٣٨، وانظر تفسير الكشاف: ٤/ ١٠٣.
٥ إتحاف فضلاء البشر: ٣٠٤.
٦ شرح الأشموني: ١/ ١٤٣.


الصفحة التالية
Icon