كما تحتمل قراءة الباقين من السبعة بالتاء: ﴿تَكَادُ﴾، وقراءة حفص والكسائي: "تتفطّرن" بالتاء، وفتح الطاء مشددة.
وقراءة الباقين بالنون وكسر الطاء مخففة١.
ويمضي هذا الفريق المحافظ إلى آخر الشوط، فيكره نقط المصاحف، ورووا عن الإمام مالك أنه قال: "جردوا القرآن، ولا تخلطوه بشيء". أو قال: "ولا تخلطوا به ما ليس منه، إني أخاف أن يزيدوا في الحروف وينقصوا"٢.
كما كره هذا الفريق -كذلك- ذكر أسماء السور، ورسم فواتح السور، وعدد آيها، قال أبو بكر السراج: قلت لأبي رزين: أأكتب في مصحفي سورة كذا وكذا؟
قال: إني أخاف أن ينشأ قوم لا يعرفونه، فيظنوا أنه من القرآن. كما كره بعضهم أن يذكر خاتمة سورة كذا٣ وكرهوا التعشير٤، والتفصيل٥، وكان عبد الله بن مسعود يحك التعشير من المصحف٦.
وقد أُثيرت هذه المسألة في زماننا، وكان للجنة الفتوى بالأزهر إسهام فيها؛ إذ رأت الوقوف عند المأثور من كتابة المصحف وهجائه، واحتجت لما رأته: "بأن القرآن كتب في عهد النبي برسم كتبت به مصاحف عثمان. واستمر المصحف مكتوبًا بهذا الرسم في عهد الصحابة والتابعين وتابعي التابعين والأئمة المجتهدين في عصورهم المختلفة، ولم ينقل عن أحد من هؤلاء جميعًا أنه رأى تغيير هجاء المصحف عما رسم به أولًا إلى تلك القواعد التي حدثت في عهد ازدهار التأليف في البصرة والكوفة... "٧.
ورأى حفني ناصف -عليه رحمة الله- وجوب المحافظة على الرسم العثماني؛ "لمعرفة القراءة المقبولة والمردودة، وفي المحافظة احتياط شديد لبقاء القرآن على أصله لفظًا وكتابة، فلا يفتح فيه باب الاستحسان"٨.

١ التيسير: ١٥٠.
٢ المحكم: ١٠، ١١.
٣ المحكم: ١٧.
٤ التعشير: وضع علامة بعد كل عشر آيات من القرآن.
٥ التفصيل: تفصيل ما جاء موجزًا في القرآن، وذلك بإثبات المحذوف إيجازًا بين الكلم "المحكم: ١٥".
٦ المحكم: ١٤.
٧ انظر مجلة الرسالة: العدد ٢١٦، سنة ١٩٣٧.
٨ ملخص من مجلة المقتطف: يوليو "تموز" سنة ١٩٣٣م.


الصفحة التالية
Icon