يقف دون ذلك، ويقول: جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء، ثم كان أن ترخص العلماء فيه، وقالوا: العجم نور الكتاب، وإنه لا بأس به ما لم تبغوا١.
وبدأ أبو الأسود بالنقط في الحركات والتنوين لا غير... وجعل الخليل بن أحمد الهمز والتشديد والروم والإشمام، ووقف الناس في ذلك أثرهما؛ واتبعوا فيه سنتهما٢.
وقال خلف بن هشام البزار: "كنت أحضر بين يدي الكسائي وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم"٣.
ثم تدرجوا في النقط والتخميس والتعشير... وكان البادئون هم الصحابة وأكابر التابعين٤، ثم أحدثوا النقط الثلاث عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم٥.
وها نحن أولاء نرى المصاحف قد تغيرت أنواع الخط فيها: فمن كوفي غير منقوط إلى خط النسخ الشرقي أو المغربي... كما رقمت آياتها، ووضعت علامات لأوائل الأجزاء، والأحزاب، والأرباع، والوقف، والوصل، وما لا ينطق به في الوصل ولا في الوقف، والإدغام، والإظهار، والإخفاء، والمد الزائد، ومواضع السجدات، وعلامات الإمالة، والإشمام، والتسهيل٦....
وكان الغرض من كل هذه الزيادات التيسير، وصيانة القرآن الكريم من اللحن والتصحيف، وأداءه أداء فيه ضبط وتحقيق.. فإذا رأى فريق التزام الرسم العثماني حفاظًا على كتاب الله، فإننا نرى عدم التقيد بالرسم العثماني في الميدان التعليمي، وللقارئين -من غير توقيف- المتعبدين غير الحافظين؛ صيانة للقرآن من التغيير والتحريف. وفيما يلي نماذج لرسوم بعض المصاحف.
أقول هذا، والنفس أميل إلى الاحتفاظ بالرسم العثماني على كل حال.
ولدينا التسجيلات القرآنية تغني، وتحفظ من الوقوع في الخطأ، والله أعلم.

١ المحكم: ١٢.
٢ المحكم: ٦.
٣ المصدر السابق: ١٣.
٤ النظر المحكم، ص٢، ٣.
٥ انظر المحكم ص٢، ١٧.
٦ انظر خاتمة المصحف الأميري المطبوع سنة ١٣٤٣هـ. وقد يقال: إن هذه المستحدثات ليست من رسم المصحف. وأقول: إنها تجتمع مع رسم المصحف في أنها تبين طريقة الأداء، وفي أن الهدف من إضافتها هو الهدف نفسه الذي نبغيه من كتابة المصحف بالرسم الإملائي المعتاد.


الصفحة التالية
Icon