وقرأ الباقون ﴿الْعَفْوَ﴾ بالنصب١؛ وذلك لأنهم جعلوا ﴿مَاذَا﴾ اسمًا واحدًا في قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾ فهو مثل قولك: ما ينفقون، فماذا على هذا في موضع النصب بأنه مفعول ﴿يُنْفِقُونَ﴾، كما تقول: ويسألونك أي شيء ينفقون؟ فقوله تعالى: ﴿الْعَفْوَ﴾ بالنصب جواب ﴿مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾ وهو في موضع نصب، فجوابه أيضًا نصب، كأنه قال: ينفقون العفو٢.
- "حتى يطَّهَّرن" [آية: ٢٢٢] :
بفتح الطاء والهاء وتشديدهما، قرأها حمزة والكسائي وعاصم ياش٣؛ لأنّ معناه: حتى يتطهرن بالماء وأراد الاغتسال؛ لأنهن ما لم يغتسلن فهُنّ في حكم الحُيّض في كثير من الأشياء، ويؤيد ذلك أنهم أجمعوا على ﴿تَطَهَّرْنَ﴾ في قوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾ ٤، فكما أن ذلك لا يكون إلاّ الاغتسال، فكذلك ينبغي أن يكون معنى هذا أيضًا.
وقرأ الباقون ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ بسكون الطاء وضم الهاء٥، ومعناه: حتى ينقطع دم حيضهن، ويجوز أن يكون ﴿يَطْهُرْنَ﴾ أيضًا بمعنى "يَطَّهَّرْن" لأنهن إِنما يطهرنَ طهرًا تامًّا إذا اغتسلْن٦.
- "وَلَوْلا دفِاعُ اللهِ النّاسَ" [آية: ٢٥١] :
بالألف قرأها نافع ويعقوب٧، وذلك أنه يجوز أن يكون مصدرًا لفَعَلَ نحو: كَتَب كتابًا، ويجوز أن يكون مصدرًا لفاعَلَ، كقاتل قتالًا، يدلّ على ذلك قراءة من قرأ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ٨، وليس فاعَل ههنا مما يكون الفعل فيه من اثنين، لكن دَفَع ودافَع بمعنى واحد.
٢ حجة أبي علي ٢/ ٣١٦-٣٢١، وإعراب القرآن للنحاس ١/ ٢٦٠، وحجة ابن خالويه: ٩٦، وحجة أبي زرعة: ١٣٣ و١٣٤، والكشف: ١/ ٢٩٢ و٢٩٣، والإتحاف: ٥٧.
٣ السبعة: ١٨٢، التيسير: ٨٠، النشر: ٢/ ٢٢٧.
٤ الآية نفسها ٢٢٢/ البقرة.
٥ انظر مصادر القراءة الأولى.
٦ حجة أبي علي ٢/ ٣٢١، وحجة ابن خالويه: ٩٦، وحجة أبي زرعة: ١٣٤ و١٣٥، والكشف: ١/ ٢٩٣ و٢٩٤، والإتحاف: ١٥٧.
٧ السبعة: ١٨٧، التيسير: ٨٢، النشر: ٢/ ٢٣٠.
٨ ٣٨/ الحج، قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: "إِن الله يَدْفَعُ" بفتح الياء والفاء وإسكان الدال من غير ألف، وقرأ باقي القراء العشرة بضم الياء وفتح الدال وألف بعدها مع كسر الفاء "النشر ٢/ ٣٢٦".