وقرأ أبو عمرو ونافع، ن، و، بل، وعصام، ياش: "فَنِعْمّا" بكسر النون وإسكان العين١، وهذا غير مستقيم عند النحاة؛ لأن فيه جمعًا بين ساكنَين وليس الأول منهما حرف لين، وإنما جاز التقاؤهما عندهم إذا كان الأول منهما حرف لين نحو: "دابّة"٢، وشابّة، و"الضالّين"٣.
ويشبه أن يكون أبو عمرو سلك في ذلك طريقته في الإخفاء نحو: "بارئكم"، فتوهموا أنه أسكن٤.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: "فَنَعِمَّا" بفتح النون وكسر العين٥، وهذا هو الأصل في هذه الكلمة، أعني: "نَعِم" بفتح النون وكسر العين.
وهؤلاء كلهم شدّدوا الميم؛ لأن أصله: نَعِم على ما سبق من الوجوه، و"ما" هي النكرة التي تفيد معنى شيء، وهي في موضع نصب، على التفسير للفاعل المضمر في "نعما" والمعنى: نعم شيئًا هي٦.
١ المصادر السابقة.
٢ ورد هذا الحرف في أربعة عشر موضعًا من القرآن الكريم، أولها: ١٦٤/ البقرة.
٣ ورد هذا الحرف ثماني مرات في القرآن الكريم، أولاها: ٧/ الفاتحة.
٤ سبق أن قلت في أكثر من موضع: إن القرآن حجة على اللغة، لا اللغة حجة على القرآن، وما دامت القراءة بالجمع بين ساكنين لم يكن أولها حرف لين، قد وردت من طريقها المقطوع بصحته، فإنها هي التي يجب أن يصار إليها وأن تقعَّد عليها القواعدُ، هذا على فرض أن الجمع بين الساكنين لم يرد عن العرب، كيف وقد ورد.
فلنصغِ إلى الإِمام ابن الجزري، يقول القول الفصل:
قال -رحمه الله- في معرض حديثه عن قراءات هذا الحرف:
واختلف عن أبي عمرو وقالون وأبي بكر، فروى عنهم المغاربة قاطبة إخفاء كسرة العين ليس إِلا، يريدون الاختلاس؛ فرارًا من الجمع بين الساكنين.
وروى عنهم العراقيون والمشرقيون قاطبة الإسكان، ولا يبالون من الجمع بين الساكنين لصحته رواية، ووروده لغة.
وقد اختاره الإمام أبو عبيدة أحد أئمة اللغة، وناهيك به، وقال: هو لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يروى: "نِعْمّا المال الصالح للرجل الصالح"، وحكى النحويون الكوفيون سماعًا من العرب: "شهْر رّمضان" مدغمًا، وحكى ذلك سيبويه في الشعر، وروى الوجهين جميعًا عنه الحافظ أبو عمرو الداني، ثم قال: والإسكان آثَر، والإخفاء أقيس. ص"٣٤٦" رسالة دكتوراه بإشرافنا "الموضح في وجوه القراءات" تحقيق ودراسة عمر حمدان الكبيسي، جامعة أم القرى ١٤٠٨هـ.
٥ المصدر السابق: ص٣٤٧.
٦ المصدر السابق: ص٣٤٨.
٢ ورد هذا الحرف في أربعة عشر موضعًا من القرآن الكريم، أولها: ١٦٤/ البقرة.
٣ ورد هذا الحرف ثماني مرات في القرآن الكريم، أولاها: ٧/ الفاتحة.
٤ سبق أن قلت في أكثر من موضع: إن القرآن حجة على اللغة، لا اللغة حجة على القرآن، وما دامت القراءة بالجمع بين ساكنين لم يكن أولها حرف لين، قد وردت من طريقها المقطوع بصحته، فإنها هي التي يجب أن يصار إليها وأن تقعَّد عليها القواعدُ، هذا على فرض أن الجمع بين الساكنين لم يرد عن العرب، كيف وقد ورد.
فلنصغِ إلى الإِمام ابن الجزري، يقول القول الفصل:
قال -رحمه الله- في معرض حديثه عن قراءات هذا الحرف:
واختلف عن أبي عمرو وقالون وأبي بكر، فروى عنهم المغاربة قاطبة إخفاء كسرة العين ليس إِلا، يريدون الاختلاس؛ فرارًا من الجمع بين الساكنين.
وروى عنهم العراقيون والمشرقيون قاطبة الإسكان، ولا يبالون من الجمع بين الساكنين لصحته رواية، ووروده لغة.
وقد اختاره الإمام أبو عبيدة أحد أئمة اللغة، وناهيك به، وقال: هو لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يروى: "نِعْمّا المال الصالح للرجل الصالح"، وحكى النحويون الكوفيون سماعًا من العرب: "شهْر رّمضان" مدغمًا، وحكى ذلك سيبويه في الشعر، وروى الوجهين جميعًا عنه الحافظ أبو عمرو الداني، ثم قال: والإسكان آثَر، والإخفاء أقيس. ص"٣٤٦" رسالة دكتوراه بإشرافنا "الموضح في وجوه القراءات" تحقيق ودراسة عمر حمدان الكبيسي، جامعة أم القرى ١٤٠٨هـ.
٥ المصدر السابق: ص٣٤٧.
٦ المصدر السابق: ص٣٤٨.