اللغة تجوز في الميم من مكث: الضم والفتح والكسر"١، ولم يقرأ واحد من القراء الأربعة عشر إلا ﴿مُكْثٍ﴾ بضم الميم٢.
ويروي الزجاج ما تجوزه اللغة في قوله تعالى: ﴿صَدُقَتِهِنَّ﴾، واعبدا الطاغوت، وما قرئ به من هذه اللغات الجائزة؛ اتباعا للرواية٣.
ويجوز في الرضاعة فتح الراء وكسرها، ولم يقرأ إلا بالفتح٤.
وأهل اللغة يحكون "بزعمهم" مثلثة الزاي، ولم يقرأ إلا بالفتح.
فلو كان الأمر كما يقول "جولدتسيهر" من أن إغفال الحركات في الخط العربي كان سببا في الأوجه المختلفة للقراءات لرأينا القراء يقرءون أمثال هذه الكلمات، بما تجوز اللغة فيها من مختلف الحركات!!
بل، إن الكسائي نفسه هو الذي روى الكسر في "الرِّضاعة"٥ لغة، ولكنها لم ترد عنه قراءة!!!
بل، إن اللغة تجوز في محيض "مجيضا"٦، وخلو الرسم من النقط يحتمل النطق بالكلمة "بوجهيها" إذ كانت مرسومة: "محصا"، ولكن "مجيضا" وإن كانت اللغة تجوزها والرسم يحتملها، لم تجز في القرآن، وإن كان المعنى واحدا، والخط غير مخالف؛ لأن القرآن سنة لا تخالف فيه الرواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه والسلف وقراء الأمصار بما يجوز في النحو واللغة، وما فيه فأفصح مما يجوز، فالاتباع فيه أولى٧.
هذه أمثلة فيما هو خاص باللغة.

١ البحر المحيط: ٦/ ٨٨.
٢ انظر إتحاف فضلاء البشر: ٢٨٧.
٣ انظر معاني القرآن للزجاج، عند كلامه على قوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾.
٤ معاني القرآن للفراء: ١٤٩.
٥ انظر: معاني القرآن للفراء: ١٤٩.
٦ انظر لسان العرب، مادة جيض، وأساس البلاغة والقاموس المحيط.
٧ معاني القرآن للزجاج.


الصفحة التالية
Icon