٩- الحقائق الكبرى في البحث:
وبعد، فيجمل بي أن ألخص الحقائق الكبرى التي وردت في غضون هذا البحث:
أولًا: المراد بالمصحف، المصحف الإمام الذي أمر بكتابته سيدنا عثمان، وأجمع عليه الصحابة، عليهم الرضوان.
ثانيًا: كانت المصاحف في عهد أبي بكر وعمر مشتملة على الأحرف السبعة التي أذن الله للأمة التلاوة بها؛ تيسيرًا عليها، فلما أن كتبت المصاحف العثمانية أصبحت التلاوة بما جاء في المصاحف التي كانت من قبل شاذة؛ لأنها شذت عن الإجماع الذي انعقد بالصحابة، ومن هنا شذت قراءة ابن شنبوذ.
ثالثًا: المخالفة المردودة هي التي تخالف مصحف عثمان بزيادة عليه، أو نقص منه، أو تبديل فيه، ولو كان ذلك مما جاء في المصاحف القديمة.
رابعًا: القراءات سنة متبعة، أساسها التلقي والرواية، وقد تليت ورويت قبل أن تكتب مصاحف عثمان، ثم تحرى الكَتَبَة في عهد عثمان هذه الروايات الثابتة بالتلقي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإذًا هي أصل والرسم فرع عنها تابع لها، لا كما يقول "جولدتسيهر" ومن تابعه من المحدثين من أن الرسم أصل لاختلاف القراءات بما خلا من النقط والشكل، وقد ناقشت رأيه، وبرهنت على خطله بالأدلة المستنبطة من طبيعة اللغة، وحقيقة الرواية.
خامسًا: يجوز الاحتجاج على الأوجه الإعرابية بما جاء في مرسوم المصاحف في عهد أبي بكر وعمر؛ لأنها موثقة بالرواية الصحيحة، والسند المتصل، مع شذوذها في بعض ما جاء فيها مخالفًا المصاحف العثمانية. وقد فعل ذلك سيبويه، وكان على شريعة من الأمر.
سادسًا: لا داعي إلى القول برسم المصحف في الاحتجاج فيما يغني عنه القياس، أو القول بالأثر؛ ليسد باب الشبهات التي يرمي بها الملحدون الإسلام والمسلمين في كتابهم الكريم، وهذا ما كان من أبي علي الفارسي "رحمه الله" في كتابه الحجة.