قرأ الحسن البصري١: "اهدنا صراطًا مستقيمًا" منونتين من غير ألف ولام فيهما، وبذلك قرأ الضحاك٢، وهو معنى حسن لولا مخالفته للمصحف.
قرأ جعفر بن محمد رضي الله عنه: "اهدنا صراطَ المستقيمِ" بإضافة ﴿الصِّرَاطَ﴾ إلى ﴿الْمُسْتَقِيمَ﴾ من غير ألف ولام في الصراط، وهو جائز في العربية كدار الآخرة.
قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "صراط مَنْ أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين" فجعل "من" في موضع ﴿الَّذِينَ﴾ و"غير" في موضع ﴿لَا﴾، وهو في المعنى حسن كالذي قرأ الجماعة في المعنى، وهو مروي أيضًا عن أبي بكر رضي الله عنهما.
قرأ ابن مسعود٣: "أرشدنا الصراط" في موضع ﴿اهْدِنَا﴾ والمعنى واحد.
قرأ ثابت البناني٤: "بصِّرنا الصراط" في موضع ﴿اهْدِنَا﴾ والمعنى واحد.
قرأ ابن الزبير٥: "صراط مَنْ أنعمت عليهم" مثل قراءة عمر في هذا الحرف وحده.
قلت: وهذا الاختلاف الذي يخالف خط المصحف وما جاء منه، مما هو زيادة على خط المصحف، أو نقصان من خط المصحف، وتبديل لخط المصحف -وذلك كثير جدا- هو الذي سمع حذيفة في المغازي، وسمع رد الناس بعضهم على بعض، ونكير بعضهم لبعض، فجرّأه ذلك على إعلام عثمان رضي الله عنه، وهو الذي حَدَا عثمان على جمع الناس على مصحف واحد؛ ليزول ذلك الاختلاف فافهمه.

١ هو الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد البصري، إمام زمانه علمًا وعملًا، روى عنه أبو عمرو بن العلاء وغيره. ولد سنة إحدى وعشرين، توفي سنة عشر ومائة. "طبقات القراء: ١/ ٣١٥".
٢ وكذلك قرأها عن الحسن، زيد بن علي ونصر بن علي، كقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ﴾ "البحر المحيط: ١/ ٢٦". والضحاك هو ابن مزاحم التابعي، سمع سعيد بن جبير، توفي سنة ١٠٥هـ "انظر طبقات القراء: ١/ ٣٣٧".
٣ هو عبد الله بن مسعود.
٤ هو ثابت بن أسلم أبو محمد البناني المصري، وردت عنه الرواية في حروف من القرآن العظيم، توفي سنة سبع وعشرين ومائة "طبقات القراء: ١/ ١٨٨".
٥ هو عبد الله بن الزبير بن العوام.


الصفحة التالية
Icon