الملحق الرابع: دفع شبهات أثارها المغرضون
وأرجو أن أدفع في هذا الملحق بعض الشبهات التي أثارها المغرضون حول كتابة المصحف، واتخذوها دليلًا لهم على وقوع اللحن في القرآن، ووسيلة إلى الطعن في كتاب الله. أثاروا هذا حول ما رواه سعيد بن جبير من أنه قال:
في القرآن أربعة أحرف لحنا: "والصابئون"١، ﴿وَالْمُقِيمِينَ﴾ ٢، ﴿فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ ٣، "وإنّ هذان لساحرانِ"٤.
كما أثاروا نحو ذلك حول ما يروى من أنه "لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال: قد أحسنتم، وأجملتم، أرى فيه شيئًا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها"٥.
وهذه الشبهات التي أثاروها مردودة بأمور: أولًا: المعنى اللغوي لكلمة اللحن.
فاللحن: اللغة، والقراءة. قال عمر رضي الله عنه: "إنا لنرغب عن كثير من لحن أُبي"، يعني: لغة أبي٦.
وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: "أُبي أقرأنا، وإنا لندع بعض لحنه" أي: قراءته٧.
ثانيًا: قياس العربية يصحح تلاوة هذه الكلمات بما رسمت به.
أ- فلا خطأ في قراءة ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾ بالرفع كما رسمت في المصاحف، فالصابئون رفع على الابتداء، وخبره محذوف، والنية به التأخير عما في حيز إن
٢ في قوله تعالى: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ سورة ٤، آية ١٦٢.
٣ سورة ٦٣، آية ١٠ في قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.
٤ سورة ٢٠، آية ٦٣.
٥ المصاحف لأبي داود السجستاني: ٣٢.
٦ المصاحف: ٣٢.
٧ المقنع للداني: ١٢٨.