في الشواهد الشعرية بلفظ الفعل «دِنَّاهُمْ» «دَانُوا» «تَدِينُ»، مع اتحادها في أصل المعنى وهو الجزاء.
وهذا المنهج الذي سار عليه الطبري وابن عطية من الإكثار من الشواهد الشعرية حتى تزيد عن شاهدين، سار عليه غيرهم من المفسرين (١).
* ثالثًا: إيراد الشاهد الشعري مع شواهد أخرى غير شعرية.
في أحيان كثيرة يورد المفسرون عددًا من الشواهد، من القرآن الكريم، والحديث الشريف، وكلام العرب شعرًا ونثرًا؛ لتأكيد المعنى الذي يذهبون إليه وتقويته، ولهم في ترتيب هذه الشواهد عند اجتماعها صور متعددة هي:
تقديم الشاهد القرآني على غيره:
ومن هذه الصورة قول الطبري: «ومعنى الحَكيم في هذا الموضع المُحْكِم، صُرِفَ مُفْعِل إلى فَعِيْلٍ، كما قيل: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٠] (٢) بِمَعنى: مُؤْلِم، وكما قال الشاعر (٣):
................................... أَمِنْ رَيْحَانةَ الدَّاعي السَّميعُ (٤)»
(٥).
وفي تقديم الشاهد القرآني دلالة على اعتماده دليلًا على المسألة، وتعضيده بما يتلوه من شواهد، فالتقديم في الترتيب يوحي بنوع من التمييز لهذا الشاهد، وأنه دليل اعتماد لدى المفسر في هذا الموضع، ثم تأتي الشواهد التالية كأدلة اعتضاد، وإن كان هذا غير لازم على كل حال، فربما فعل المفسرون ذلك دون استحضار لمزية في هذا الترتيب، وإنما بحسب ورودها على الذهن حال التدوين.
_________
(١) انظر: الكشاف ١/ ٢٢ - ٢٣، ٧٦، ٧٧ - ٧٨، الجامع لأحكام القرآن ١/ ١٤٣ - ١٤٤، ١٨٢.
(٢) البقرة ١٠.
(٣) هو عمرو بن معد يكرب.
(٤) انظر: ديوانه ١٤٠.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ١٥/ ١٢.


الصفحة التالية
Icon