معناه: أن هذا يَخْلُفُ هذا، وهذا يَخْلُفُ هذا، فهُمَا خِلْفَةٌ، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً﴾ [الفرقان: ٦٢] (١)، وكما قال زهير:

بِهَا العِيْنُ والآرامُ يَمْشِيْنَ خِلْفَةً وأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ (٢)
وقال الآخر: (٣)
وَلَهَا بِالمَاطِرونَ إِذَا أَكَلَ النَّمْلُ الذي جَمَعَا
خِلْفَةً حتى إذَا ارتَبَعَتْ سَكَنَتْ مِنْ جِلَّقٍ بِيِعَا (٤)» (٥).
واللفظة في الآية القرآنية وفي الشاهدين من الشعر وردت بصيغة ومعنى واحد، وقد سلك ابن عطية هذا المنهج في مواضع من تفسيره (٦).
- وسلك القرطبي هذا المنهج في إيراد الشاهد الشعري في مواضع من تفسيره، ومن ذلك قوله: «﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١)﴾ [طه: ٣١] (٧) أي: ظهري، والأَزْرُ الظهرُ من موضع الحَقْوَين، ومعناه تُقوِّي به نفسي، والأَزْرُ: القُوَّةُ، وآزَرَهُ: قوَّاه. ومنه قوله تعالى: ﴿فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ﴾ [الفتح: ٢٩] (٨) وقال أبو طالب:
أَلَيسَ أَبُونَا هَاشِمٌ شَدَّ أَزْرَهُ وأَوصى بَنِيهِ بِالطِّعَانِ وبِالضَّرْبِ (٩)» (١٠).
_________
(١) الفرقان ٦٢.
(٢) انظر: ديوانه ٥.
(٣) نُسِبا ليزيد بن معاوية، وهُما في ديوانه ٢٢، وذَكَرَ المُبَرِّدُ في الكامل ٢/ ٤٩٨ عن أبي عبيدة أنَّ الرواة مختلفون في نسبتهما ليزيد بن معاوية والأحوص، وليسا في ديوان الأحوص المجموع، ونسبهما الجاحظ في الحيوان ٤/ ١ لأبي دهبل الجمحي، ورجح محقق ديوانه أنهما له ٨٤. وانظر: خزانة الأدب ٧/ ٣٠٩.
(٤) انظر تخريجهما في مصادر الحاشية السابقة، والماطرون: بلدة بالشام. انظر: معجم البلدان ٥/ ٥٠.
(٥) المُحرر الوجيز ٢/ ٣٣ - ٣٤.
(٦) المحرر الوجيز ٢/ ١٤٢، ٥/ ١٥٥.
(٧) طه ٣١.
(٨) الفتح ٢٩.
(٩) انظر: ديوانه ٢٨.
(١٠) الجامع لأحكام القرآن ١١/ ١٩٣.


الصفحة التالية
Icon