يَا ليتَ شِعْرِي وَالمُنَى لا تَنْفَعُ هَلْ أَغْدُوَنْ يَومًا وَأَمْرِي مُجْمَعُ (١)» (٢).
فقدم الحديث النبوي على الشاهد الشعري، مع اختلاف صيغ اللفظة موضع الشاهد في الآية عنه في الحديث النبوي والشاهد الشعري، ففي الآية وردت اللفظة بصيغة فِعْلِ الأمر «أَجْمِعُوا»، وفي الحديث وردت بصيغة فعل المضارع «يُجْمِعُ»، وفي الشعر وردت بصيغة اسم المفعول «مُجْمَعُ»، مع الاتفاق في أصل المعنى وهو العزم على الشيء.
- ومن الأمثلة قول الزمخشري عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (١٣)﴾ [الرعد: ١٣] (٣): «وَمَحَلَ بِفلانٍ إذا كَادَهُ وسَعَى به إلى السلطان، ومنه الحديث: «ولا تَجْعَلْه علينا مَاحِلًا مُصَدَّقا» (٤)، وقال الأعشى:
فَرعُ نَبْعٍ يَهشُّ في غُصُنِ المَجْدِ غَزِيرِ النَّدى شَديدِ المِحَالِ (٥)
والمعنى: أنه شديدُ المكرِ والكَيدِ لأعدائه». (٦) وقد قدم الاستشهاد بالآية ثم أتبعها بالحديث، ثم الشاهد الشعري بعدهما.
- وقال ابن عطية: «وقوله: ﴿ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً﴾ [يونس: ٧١] (٧)، أي: مُلْتَبِسًا مُشْكِلًا. ومنه قوله في الهلال: «فإنْ غُمَّ عَليكم» (٨)،
_________
= الطبري (شاكر) ١٥/ ١٤٨ حاشية (٢)، ولم أجده في ديوانه.
(١) انظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ١٨٥، شرح المفضليات ٦٦، ٣٢٣، الخصائص ٢/ ١٣٦.
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ١٥/ ١٤٧ - ١٤٨.
(٣) الرعد ١٣.
(٤) غريب بهذا اللفظ كما ذكر الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف ٢/ ١٨٧، وورد بلفظ آخر مرفوعًا كما في صحيح ابن حبان ١/ ٣٣١ رقم (١٢٤)، وشعب الإيمان للبيهقي ٢/ ٣٥١، وورد موقوفًا على عبد الله بن مسعود كما في الزهد للإمام أحمد ١٥٥، والمصنف لعبدالرزاق ٣/ ٣٧٢ رقم ٦٠١٠.
(٥) ديوانه ٥٧.
(٦) الكشاف ٢/ ٥١٩ - ٥٢٠، وانظر: تفسير الطبري (شاكر) ٨/ ٣٩٩.
(٧) يونس ٧١.
(٨) رواه البخاري، كتاب الصيام، باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ٢/ ٦٧٢ (١٨٠٠)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال ٢/ ٧٥٩ (١٠٨٠) عن ابن عمر رضي الله عنهما.


الصفحة التالية
Icon