تفسيره لقوله تعالى: ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ﴾ [يونس: ٧١] (١) وهو يذكر أوجه القراءات: «وقرأ السبعةُ وجُمهورُ الناسِ: الحسنُ وابن أبي إسحاق وعيسى ﴿فَأَجْمِعُوا﴾، مِن: أَجْمَعَ الرجل على الشيء، إذا عزم عليه، ومنه قول الشاعر:
هَلْ أَغْدُونْ يَومًا وأَمْري مُجْمَعُ (٢)
ومنه قول الآخر: (٣)

أَجْمَعوا أَمْرَهُمْ بِلَيْلٍ فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ (٤)
ومنه الحديث: «ما لم يُجْمِع مُكْثًا» (٥).
ومنه قول أبي ذؤيب:
ذَكَرَ الوُرُودَ بِهَا فَأَجْمَعَ أَمْرَهُ شَوقًا وأَقْبَلَ حَينهُ يَتَتَبَّعُ (٦)». (٧)
فأورد ابن عطية شواهد الشعر، وقدم بعضها على الحديث النبوي، وأخر بعضها، دون أن تظهر لي عِلةٌ لهذا الترتيب، والشاهد فيها جَميعًا ورود الإجماعِ بِمَعنى العَزْمِ على الفِعْل.
- وقال ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ [المائدة: ٥٢] (٨): «ودائِرَةٌ، معناه: نَازِلَةٌ من الزمان، وحَادثةٌ من الحوادث، تُحْوجُنَا إلى مَوالينا من اليهود، وتُسمَّى هذه الأمورُ دوائرَ على قديم الزمان من حيث الليل والنهار في دَوَرانٍ، فكأَنَّ الحادثَ يدورُ بدورانِهَا حتى يَنْزِلَ فيمنْ نَزَل... ومنه قولُ الشاعر: (٩)
_________
(١) يونس ٧١.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) هو الحارث بن حلّزة.
(٤) انظر: ديوانه ٤٠، شرح المعلقات السبع الطوال ٤٥٢.
(٥) رواه مالك في الموطأ، كتاب صلاة الجماعة، باب صلاة المسافر ما لم يجمع مكثًا ١/ ٢١٢ برقم (٤٠٠)، وعبدالرزاق في المصنف ٢/ ٥٣٣ رقم (٤٣٤٠)، والبيهقي في السنن الكبر ٣/ ١٥٢.
(٦) انظر: ديوانه ١٥١.
(٧) المحرر الوجيز ٩/ ٦٧ - ٦٨.
(٨) المائدة ٥٢.
(٩) هو العجاج الراجز.


الصفحة التالية
Icon