* خامسًا: العناية بالروايات المختلفة للشاهد الشعري.
قد يورد المفسرُ روايةً أخرى أو روايات للشاهد، وقد يكون هذا الاختلاف في الرواية له مِسَاسٌ بِموضع الاستشهاد في الشاهد الشعري، فينبه المفسر إلى ذلك. ومن ذلك قول الطبري: «وقيل: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ﴾ [الأعراف: ١٩٣] [الأعراف: ١٩٣] (١) فعطف بقوله: ﴿صَامِتُونَ﴾ وهو اسمٌ، على قوله: ﴿أَدَعَوْتُمُوهُمْ﴾ وهو فعل ماضٍ، ولم يقل: أَم صَمَتم، كما قال الشاعر:

سَوَاءٌ عليكَ النَّفْرُ أَمْ بِتَّ ليلةً بِأَهْلِ القِبَابِ مِنْ نُمَيرِ بنِ عَامِرِ (٢)
وقد يُنشدُ: أَمْ أنتَ بائتٌ». (٣)
وعلى الرواية الثانية لا شاهد فيه؛ ويسقط الاستدلال به لأن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط الاستدلال به. وقد ناقش النحويون هذا الشاهد فقال أبو حيان: «وليس من عطف الاسم على الفعل، إنما هو من عطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية، وأما البيت فليس من عطف الاسم على الفعل، بل من عطف الجملة الفعلية على الاسم المقدر بالجملة الفعلية. إذ أصل التركيب: سواء عليك أنفرت أم بت ليلة، فأوقع النفر موقع أنفرت». (٤)
وربَّما لا يَمسُّ الاختلاف في الرواية موضع الشاهد، فيكون ذكر الاختلاف من باب العلم فَحَسْب، ومن ذلك قول الطبري: «ويقال للبخيل: حَصُورٌ وحَصِرٌ؛ لمنعه ما لديه من المال عن أهل الحاجة، وحبسه إياه عن النفقة، كما قال الأخطل:
_________
(١) الأعراف ١٩٣.
(٢) لم أهتد إلى معرفته، وأصل الرواية في المخطوطة: «سواء عليك الفَقْرُ.. »
. وصوبها محمود شاكر من معاني القرآن للفراء ١/ ٤٠١، وقال بأنها خطأ محض، في حين فسر البيت بها في الدر المصون ٥/ ٥٣٨.
(٣) تفسير الطبري (شاكر) ١٣/ ٣٢٠ - ٣٢١.
(٤) البحر المحيط ٤/ ٤٣٩، الدر المصون ٥/ ٥٣٨.


الصفحة التالية
Icon