يعني بذلك: تَيقنوا ألفي مدجج تأتيكم». (١)
فالطبري لم ينسب الشاهد لقائله في الموضع الأول، ونسبه له في الثاني، ومع اختلاف الرواية، إلا أن الشاهد في الروايتين واحد، وهو ورودُ «الظنِّ» في لغة العرب بِمَعنى اليقين.
* سادسًا: نَقْلُ الشاهد الشعري عن المتقدمين:
المفسرون يتعرضون لأقوال العلماء السابقين من المفسرين وغيرهم، وفي معرض نقلهم ومناقشتهم ينقلون الشواهد الشعرية المستشهد بها، وربما جرى خلاف حول فهم هذه الشواهد، أو توجيهها.
- ومن أمثلة ذلك قول الطبري عند حديثه عن القراءات في كلمة: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ في قوله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)﴾ [الأنفال: ٩] (٢): «واختلفَ أهلُ العلم بكلام العرب في معنى ذلكَ إذا قُرئَ بفتح الدَّالِ أَو بِكَسرِهَا. فقال بعض البصريين والكوفيين: معنى ذلك إذا قُرئَ بالكسرِ، أَنَّ الملائكةَ جاءت يتبعُ بعضُهُم بعضًا، على لغةِ مَن قالَ: «أَرْدَفْتُهُ». وقالوا: العَربُ تقولُ: «أَرْدَفْتُهُ» وَ «رَدِفْتُهُ»، بِمَعنى: «تَبِعْتُهُ» و «أَتْبَعْتُهُ»، واستشهدَ لصحة قولهم ذلك بِمَا قال الشاعر: (٣)

إذَا الجَوْزَاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطمةَ الظُّنُونَا (٤)
قالوا: فقال الشاعرُ: «أَرْدَفَتْ»، وإِنَّمَا أرادَ «رَدِفَتْ»، جاءت بعدها لأَنَّ الجوزاءَ تَجِيءُ بعد الثريا». (٥)
_________
(١) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ١٧ - ١٨.
(٢) الأنفال ٩.
(٣) هو حَزِيْمَةُ بنُ نَهْدٍ القُضاعيُّ.
(٤) انظر: المعارف لابن قتيبة ٦١٧، الأغاني ١٣/ ٧٨، سمط اللآلي ١٠٠.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ١٣/ ٤١٤ - ٤١٦.


الصفحة التالية
Icon