المبحث الثاني: مدى اعتماد المفسرين على الشاهد الشعري في التفسير.
بعد الحديث عن منهج المفسرين في إيراد الشواهد الشعرية وطريقتهم في عرضها عند الاستشهاد بها في التفسير، يصل البحث إلى مكانة الشاهد الشعري بين غيره من الشواهد عند المفسرين، وهل اعتمد المفسرون اعتمادًا كليًا على الشاهد الشعري في التفسير؟ أم أن ذلك لم يكن إلا اعتضادًا به مع غيره من الشواهد؟ وإن كان المفسرون قد اعتمدوا على الشاهد الشعري فما مدى هذا الاعتماد؟ وكيف يمكن معرفة مقدار هذا الاعتماد؟ هذا ما سوف أعرض له في هذا المبحث.
أولًا: اعتماد المفسرين على الشاهد الشعري.
- أهمية الشاهد:
رُوي عن الإمام مالك أنه قال: «لا أوتى برجلٍ غير عالمٍ بلغاتِ العَرَبِ يفسرُ كتابَ الله إلا جعلتُه نَكَالًا» (١)، وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي الزناد عن أبيه قال: «ما تزندقَ مَنْ تزندقَ بالمشرقِ إِلَّا جهلًا بكلامِ العَربِ» (٢). ولذلك جعل المصنفون في شروط المفسر وآدابه اللغةَ العربيةَ ومعرفتَها شَرطًا من شروط المفسر؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، ونص على ذلك عدد من العلماء (٣)، وقد عني بذلك المفسرون
_________
(١) البرهان في علوم القرآن ١/ ١٦٠.
(٢) الفرائد الجديدة للسيوطي ١/ ١٦.
(٣) انظر: البرهان في علوم القرآن ١/ ١٦٠.


الصفحة التالية
Icon