في (ما)، وقد استوفى ابن هشام الكلام على أوجهها الإعرابية (١).
ثانيًا: اعتماد الشاهد الشعري في بيان بلاغة القرآن.
لم يُطِلِ ابن عطية الوقوفَ عند الصور البلاغية في تفسيره كما فعل الزمخشري، ولكنه معه ذلك كانت له بعض الوقفات التي تدل على فقهه في البلاغة وأساليبها، وقد كان للشاهد الشعري حضور في هذا الجانب عند ابن عطية.
ومن ذلك قوله عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩)﴾ [المائدة: ٥٩] (٢): «وهذه الآيةُ من المَحاور البليغة الوجيزة.... ونظيرُ هذا الغرض - أي تأكيد المدح بما يشبه الذم - في الاستثناء قول النابغة:
فهو قد أشار إشارة مقتضبة إلى ما في الآية من أسلوب بلاغي سماه البلاغيون «تأكيد المدح بِما يُشبه الذم»، ولَفَتَ نظرَ القارئ إلى أن هذا الأسلوب قد ورد في الشعر، واستشهد بقول النابغة الذبياني، وهذا الشاهد من شواهد البلاغيين المعروفة، والشاهد فيه كأنه قال ولا عيب في هؤلاء القوم أصلًا إلا هذا العيب، وهو فلول أسيافهم من المقارعة والمضاربة، وهذا ليس بعيب، بل هو غاية المدح (٥).ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيوفَهُمْ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ (٣)» (٤).
ثالثًا: اعتماد الشاهد الشعري في نسبة اللغات للقبائل.
استعان ابنُ عطية بالشاهد الشعري في نسبة اللغات إلى القبائل، ومن ذلك قوله: «وهؤلاءِ لفظٌ مبنيٌّ على الكسرِ، والقَصْرُ فيه لغةُ تَميمٍ، وبعضِ قَيسٍ وأَسَدٍ، قال الأعشى:
_________
(١) انظر: مغني اللبيب ٤/ ١٠٨ - ١١٠.
(٢) المائدة ٥٩.
(٣) انظر: ديوانه ٤٤.
(٤) المحرر الوجيز ٥/ ١٣٩.
(٥) انظر: معاهد التنصيص ٣/ ١٠٧.