كما إنه «يُروى أن رسول الله - ﷺ - سَمِعَ كعب بن مالك يُنشدُ:

أَلَا هَل أَتَى غَسَّانَ عَنَّا ودُونَنَا مِن الأَرضِ خَرْقٌ غَوْلُهُ مُتَتَعْتِعُ
مُجَالَدَنا عَن جِذْمِنا كُلّ فَخْمةٍ مُذرَّبَةٍ فيها القَوانسُ تَلْمَعُ (١)
فقال: «لا تقل: عَنْ جِذْمِنا، وقل: عَنْ دِينِنا. فكان كعب يقرأ كذلك، ويفتخر بذلك، ويقول: ما أعانَ رسولُ الله - ﷺ - أحدًا في شعره غيري» (٢).
مِمَّا يدل على معرفته بنقد الشعر وفهمه له عليه الصلاة والسلام. وروى السكريُّ أَنَّ كعب بن زهير رضي الله عنه عندما أنشد قوله في وصف راحلته بين يدي الرسول - ﷺ -:
وَجْناءُ في حُرَّتَيْها لِلبَصِيْرِ بِها عِتْقٌ مُبِيْنٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ
استوقفه الرسول - ﷺ - وسأل الصحابة: "ما حُرَّتاها؟ " فقال بعضهم: عيناها، وسكت بعضهم. فقال رسول الله - ﷺ -: "هما أذناها"، نسبهما إلى الكرم. (٣) وذكر الزهري ما كان يحفظه النبي - ﷺ - من الشعر فقال: «كان رسول الله لا يقول من الشعر إلا ما قد قيلَ قبله» (٤)، أي أَنَّه كان يَحفظ من شعر الجاهلية.
حكم الاستشهاد بالشعر في التفسير:
أما حكم الاستشهاد بالشعر في تفسير القرآن، فقد نُقِلَ عن الإمام أحمد بن حنبل أنه «سُئِلَ عن القرآن تَمثلَ له الرجل بشيء من الشعر،
_________
(١) المُجالدةُ: المدافعة، الفخمة: الكتيبة العظيمة، المذربة: المدربة على القتال، القوانس: جمع قونس، وهي أعلى خوذة الحديد. انظر: ديوانه ٥٦
(٢) الفاضل للمبرد ١٢، الروض الأنف للسهيلي ٦/ ١٠٤، جزء في أحاديث الشعر للمقدسي ١٠٧.
(٣) انظر: شرح بانت سعاد لعبداللطيف البغدادي ١٣٠ - ١٣١، شرح قصيدة كعب بن زهير لابن هشام ٢١٠.
(٤) أخبار النحويين البصريين ٨٤.


الصفحة التالية
Icon